بعد قطعية الحكم، والله أعلم.
(و) كذا يعلم البلوغ شرعا إن لم يكن عرفا (بالسن: وهو بلوغ خمس عشر سنة للذكر) على المشهور بنى الأصحاب في المقام شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، كما اعترف بذلك في المسالك، بل نقلها مستفيض أو متواتر كالاجماع صريحا وظاهرا على ما في مفتاح الكرامة حيث قال: " كادت تبلغ اجماعات المسألة: أثنى عشر اجماعا من صريح وظاهر ومشعر به، بل هو معلوم ".
وربما يشهد له التتبع، بل ربما يزيد على ذلك مع اطلاق الاشعار لأنه كما حكاه العلامة الطباطبائي عن صرحي الغنية، والظاهر كالنص عن الخلاف والتذكرة، وظاهر مجمع البيان، وكنز العرفان، وكنز الفوائد، والمسالك، والمسالك الجوادية، وتلويح المنتهى، وكشف الرموز، وتلخيص الخلاف، ونقد الشرايع، وقضية انحصار المخالف في ابن الجنيد على ما يظهر من المختلف والمهذب البارع وشرح الشرايع وغوالي اللئالي، وهو مع أنه معلوم النسب لا يقدح في الاجماع، خصوصا مع ضعف مأخذه وشدة وهنه وشذوذه، على أنه لو تطرق المنع إلى الاجماع من خلافه وخلاف بعض متأخري المتأخرين فلا ارتياب في تحققه فيما بينهما حيث ارتفع الخلاف من زمن ابن زهرة إلى زمن ثاني الشهيدين كما تشهد به تصانيفهم المضبوطة، بل قطع بعضهم بالحكم ولم يعتد بخلافه فحكى الاجماع بل نفى الخلاف.
فلا ينبغي للفقيه التردد بعد ذلك في فساد قوله، بل وما حدث في هذه الأزمنة المتأخرة خصوصا بعد ملاحظة غير ذلك من الأدلة من الاستصحاب، فإن الأصل عدم البلوغ والتكليف، وبقاء الحجر والولاية ما لم يعلم الناقل عنه، ولا يعلم إلا باكمال الخمسة عشر فيكون بلوغا دون ما قبله، ولا وجه للمناقشة في الاستصحاب هنا، بعد كون المطلوب منه إثبات الحكم، إذ المشتبه حكم السن المعلوم، لا أصل السن المعلوم الحكم، ضرورة اقتضاء الاستصحاب فيه نفى الأكثر، فالموضوع والحكم هنا متعاكسان في الاستصحاب، فلو علم سن البلوغ ولم يعلم بلوغ ذلك السن فمقتضى الاستصحاب نفى الأكثر، بخلاف ما لو بلغ سنا، ولم يعلم أنه بلوغ فإن الأصل عدم البلوغ، كما