عرفت، ومقتضاه نفي الأقل.
اللهم إلا أن يقال كما أومأنا إليه سابقا أن البلوغ شرعا هو بلوغ الحلم، فيكون حالة طبيعية مخصوصة في الانسان، بل مطلق الحيوان وجميع ما ذكر علامة له، فهو كاشف عن الوصول إليها حتى السن، فيكون المشتبه حينئذ الموضوع، والمنفي بالاستصحاب الأقل، إذا الأصل عدم بلوغ الحد الكاشف: لكنه خلاف ما عليه الأصحاب من أن السن بلوغ في الشرع، وإن كانت العلة فيه كشفه عن غيره، ومتى كان كذلك فالمشتبه الحكم دون الموضوع، وموضوعية البلوغ لبعض الأحكام لا ينافي كونه حكما، لأن الحكم قد يكون موضوعا لحكم آخر، ولا استحالة في ذلك، مع اختلاف الجهة، ومثله كثير. فالاستصحاب بجميع وجوهه المذكورة حينئذ حجة في المسألة، وإن كان ألصقها بالمدعى، وأغناها عن الضمائم استصحاب عدم البلوغ، فإنه نفي صريح، والمطلوب منه عين المستصحب دون لازمه، والتمسك به لا يتوقف على ضميمة عدم القول بالفصل ونحوه، على أنه من الأمور القارة الثابتة كغيره، وإضافته إلى ما يرجع إلى الزمان لا يخرجه عن القرار، فمعنى أصل عدم البلوغ أن الأصل عدم حضور زمان البلوغ، لا بقاء زمان عدم البلوغ، واستصحاب غير القار إنما يلزم لو أريد الثاني، دون الأول.
وقد يتمسك بأصل البراءة من التكليف على المطلوب، لا لكونه حادثا منفيا بأصل العدم لرجوعه إلى الاستصحاب ولا للأصل الشرعي المستفاد من نحو قولهم (1) " كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي " (2) و " الناس في سعة ما لم يعلموا " وغيرهما، فإن المفهوم من ذلك سقوط التكليف كما يظهر بالتدبر، بل لأن التكليف فرع البيان وهو مفقود في محل النزاع، ودعوى - وجود البيان وهو الخطاب العام الصالح لكل مميز - يدفعها أنه مشروط بالبلوغ، ولم يثبت قبل اكمال الخمسة عشر اللهم، إلا أن