والغلبة منتفية فيما دون الخمسة عشر، فلا يتحقق به بلوغ النكاح، وإرادة التحقق في الجملة ولو على سبيل الندرة يقتضي صدق بلوغ النكاح بالاثني عشر، بل بما دونه أيضا، بناء على أن ما فوق العشرة من زمان إمكان الاحتلام كما ستعرف، ودعوى إرادة ما تجاوز حد الوقوع ولم يبلغ الغلبة لا دليل عليها، بل هي تحكم محص كما هو واضح.
وقد ظهر من ذلك كله أنه لا اشكال في دلالة الآية على المطلوب، بل منه ظهر دلالة قوله تعالى (1) أيضا " وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم " بالتقريب السابق، فإن بلوغ الحلم كبلوغ النكاح يعتبر في صدقه القابلية بحسب الشخص، بل فعليه الانزال إما مطلقا أو مع التقييد بالمنام كالاحتلام، أما القابلية النوعية ببلوغ السن الذي يتفق فيه ذلك فلا يصدق معها بلوغ الحلم إلا بتأويل أو تقدير، لتبادر الغير وصحة السلب، ونص أهل اللغة.
فمن القاموس " الحلم بالضم والاحتلام: الجماع في النوم " والمصباح " حلم الصبي واحتلم: أدرك وبلغ مبالغ الرجال: فهو حالم ومحتمل " بل عنه أيضا " أدرك الغلام: بلغ الحلم، وبلغ الصبي احتلم وأدرك " والغريبين " أنه أمر معاذا أن يأخذ من كل حالم دينارا، قال، أبو الهيثم أراد بالحالم كل من بلغ الحلم، حلم أو لم يحلم، ومنه الحديث " الغسل يوم الجمعة واجب على كل حالم " والمغرب " حلم الغلام احتلم حلما من باب طلب، والحالم المحتلم في الأصل، ثم عم فقيل لمن بلغ مبالغ الرجال حالم، وهو المراد في الحديث ".
والنهاية " (2) أراد بالحالم في الحديث: من بلغ الحلم، وجرى عليه حكم الرجال، سواء احتلم أو لم يحتلم، ومنه الحديث الغسل إلى آخره، وفي رواية - على محتلم - أي بالغ مدرك " والظاهر إرادته من قوله وجرى عليه حكم الرجال:
معنى بلغ مبلغ الرجال الذي عبر به غيره، بل لو كان المراد كل من جرى عليه الحكم