وعموم أدلة التكليف وصحة توجه الخطاب إلى المميزين عقلا، لوجود شرطية العلم والقدرة خرج الأقل بالنص والاجماع، فيبقى ذو الأربع عشر، ولأن نصوص الخمس عشر (1) محتملة للأخذ فيها، وللاكمال والبناء على الأول هو الموافق للاحتياط في العبادة، وإن كان مخالفا له بالنسبة إلى ما يتعلق بالولي، ولأن أحوال البدن في الانسان مرتبة على الأسابيع، فيجب أن يكون بلوغه كذلك، وليس في الأسبوع الأول ولا الثالث قطعا فيكون الثاني وهو المطلوب.
أما الأول فبالعقل والنقل، (أما الأول) فلما ذكره الأطباء من أن استكمال الانسان وتراجعه في السنين يشبه أحوال القمر في استكماله وتراجعه في دوره، فإن القمر يبدو هلالا ضعيفا ثم لا يزال يزداد إلى الليلة السابعة، فيقوى ويشتد نوره ولا يزال في الاشتداد حتى يصير في الليلة الرابعة عشر بدرا كاملا، ثم يرجع فينقص شيئا فشيئا حتى يكون في الواحد والعشرين من الشهر كهيأته في السابع منه، ثم يزداد نقصه وخفاؤه إلى أن ينتهي إلى العدم والمحاق في الثمانية والعشرين، وهكذا الصبي إذا ولد كان ضعيف الخلقة نحيف التركيب إلى أن يتم له سبع سنين، فإذا تم له ذلك استبان فيه آثار القوة في العقل والبدن، ثم لا يزال يترقى إلى أن يتم له أربع عشرة سنة، فإذا دخل في السنة الخامسة عشر دخل في الأسبوع الثالث فهناك يكمل له العقل وتشتد قوته، وتتحرك فيه الشهوة، ثم لا يزال يترقى على هذه الحالة إلى السنة الحادية والعشرين ثم يدخل في الأسبوع الرابع وهو آخر أسابيع النشو والنماء، فإذا تم له ذلك باتمام السنة الثمانية والعشرين انتقل إلى سن الوقوف، وهو الزمان الذي يبلغ فيه أشده، وهو الأسبوع الخامس، ويمتد إلى ست وثلاثين سنة، ثم يبدو له الرجوع بعد ذلك ويكن عوده كبدئه.
(وأما الثاني) فلما رواه الصدوق في الفقيه (2) عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال