النبي قد أقصاه من المدينة إلى البحرين في العام الثاني من إسلامه أي في سنة 8 ه فأي زمن يقضيه في البحرين سواء أكان قليلا أم كثيرا فإنه ينقص ولا ريب من السنين الثلاث المزعومة - وبذلك ينهدم أساس هذا الادعاء وتنهار قواعده، على رأس من وضعه، وتفصح الرغوة عن الصريج. ويصبح ما حققناه هو الصحيح، والحمد الله على توفيقه.
على أن لا أدرى ما جداء هذا اللجاج والتشبث بالاخبار الواهية لدفع ما هو صحيح ثابت؟ وهبه قد عاش بجوار النبي ثلاث سنين كما زعموا! أو أربعا كما افتروا، أو أكثر من ذلك! فهل ترى ذلك مغيرا شيئا مما وجه إليه من تهم؟ وما نفذ إلى رواياته من شك؟
وهل طول زمن الصحبة وحده لمثل أبي هريرة يكون سببا في أن يخلع على شخصه رداء العدالة والثقة، وأن يكسب مروياته رواء الصحة والصدق؟
إن ذلك كله وغيره لا يجدى ولا ينفع! ذلك بأنه هو هو أبو هريرة ملفف بتاريخه وما قيل فيه، حتى لو قضى حياته كلها بجوار النبي خادما أو صاحبا!
جبن أبي هريرة قرأت في الصفحات الماضية شيئا من أخبار حرب الردة وما زعم أبو هريرة من أنه كان له فيها سيف وفرس! وكأني بك قد حسبت أن ما زعمه أبو هريرة كان صحيحا! وأنه قد شهد هذه الحرب وكان من أبطالها الذين اصطلوا بنارها!
ولكنه في حقيقة الامر كان بعيدا عنها كما هو شأنه في غيرها من سائر الحروب الاسلامية التي وقعت، ذلك بأنه لم يدخل في أية حرب منها سواء في عهد النبي صلى الله عليه وآله أو في عهد الخلفاء، وذلك بأن الله قد حرمه نعمة الشجاعة وخلقه جبانا رعديدا، ولقد كان هذا الجبن من أسباب إبعاده عن المدينة إلى البحرين!
وقد حاول مرة أن يخرج على جبنه ويتشبه بالرجال وينازل الابطال فذهب يحارب في غزوة مؤتة التي وقعت في جمادى الأول سنة 8 ه - وما كاد يسمع صليل السيوف ويرى لمعان الأسنة حتى غلب عليه طبعه فجبن وهلع وولى