الجاهلين له، الغافلين عنه، وليوطن نفسه على ذلك فقد صح عن رسول الله أنه قال: " إن هذا الدين بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء "، رواه مسلم في الصحيح والترمذي وابن ماجة وروى البخاري نحوه بغير لفظه، وعن أمير المؤمنين على عن رسول الله أنه قال:
طلب " الحق " غربة - رواه الأنصاري في أول كتابه (منازل السائرين إلى الله) من حديث جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده، ولذلك شواهد قوية ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد إلى علماء الاسلام في جميع الأقطار رأيت فيما نقلناه إليك عن كتاب العجاج أنهم رفعوا فيه مقام أبي هريرة إلى أفق لم يبلغه أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فجعلوه دون غيره من الصحابة (راوية الاسلام!) وأنه وحده الذي اختص بهذه المنزلة التي لا تطاول، فقدموه على الصفوة المختارة من الصحابة رضوان الله عليهم، أمثال أبى بكر وعمر وعلى وغيرهم! حقا إنها لإحدى الكبر، والذنب الذي لا يغتفر! ومن هو أبو هريرة هذا حتى ينفرد بهذا الفضل العظيم، ويكون راوية الاسلام لجمع المسلمين على مد الأحقاب وتطاول السنين!!
إنه لا يعدو أن يكون في الساقة من الصحابة وعامتهم الذين لا شأن لهم ولا خطر! أو كما يقولون: لا في العير ولا في النفير! فلم يكن من السابقين الأولين، ولا من المهاجرين، ولا من الأنصار، ولا من المجاهدين في سبيل الله بأموالهم أو بأنفسهم. وكل ما عرف من تاريخه أنه انتقل من خدمة ابن عفان وبسرة ابنة غزوان على ملء بطنه، إلى خدمة النبي صلى الله عليه وآله على ملء بطنه كذلك، كما روى البخاري وغيره، ثم لزم الصفة يطعم مع إخوانه فيها لوجه الله فقضى بها سنة وبعض سنة ثم أقصاه النبي صلى الله عليه وآله إلى البحرين، ولم يكن له عمل فيها إلا التأذين بين يدي العلاء بن الحضرمي، ولما توسع في الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله بعد ما اتصل بأستاذه كعب الأحبار، وبعد موت عمر الذي كان ينهاه عنها،