مفتاح شخصيته وإن ما بدا من أبي هريرة في خيبر، وكشف به - من أول يوم - عن مكنون مطامعه، وخفى مآربه، وحقيقة نفسه، ثم ما وقع منه وهو في الصفة، لمما يصح أن يجعله المؤرخ (مفتاحا لشخصيته).
ولا ريب في أن النبي صلى الله عليه وآله قد أسقطه من عينه، فلم يقم له من يومئذ وزنا، ووضعه بين أصحابه في المكان الذي يليق به - وآية ذلك أنه صلوات الله عليه لم يؤاخذ أبانا بما أغلظ له في القول - على حين أنه كان صلى الله عليه وآله يغضب غضبا شديدا عندما ينال أحد (أصحابه) إهانة من (صحابي) آخر كما فعل عندما حصل لعمار بن ياسر، أو عبد الرحمن بن عوف أو غيرهما - فإنه عندما تقاول خالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف في بعض الغزوات، وأغلظ خالد في المقال لعبد الرحمن بن عوف، وبلغ ذلك رسول الله غضب غضبا شديدا وقال: لا تسبوا أصحابي - الحديث، ومن جهلهم يجعلون حكم هذا الحديث عاما بحيث يشمل الصحابة جميعا (1) أما ما كان بين أبان وأبي هريرة فقد أغضى النبي عنه، ولم يقل لأبان شيئا، واكتفى بأن قال له: اجلس يا أبان، ولم يسهم لأبي هريرة وتركه يغدو مغيظا محنقا، وكأنه بذلك قد أقر أبانا على ما فعل بأبي هريرة.
وأبو هريرة كان في هذا اليوم يعد ضيفا، والضيف له حرمة يستحق التكريم من أجلها، ولو بكلمة طيبة، ولكنه لم يظفر من النبي بها. وحقت عليه المهانة أمام الصحابة جميعا من أول يوم جاء فيه إلى النبي صلى الله عليه وآله.
سبب صحبة أبي هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم:
كان أبو هريرة صريحا في الإبانة عن سبب صحبته للنبي فلم يقل إنه قد صاحبه للمحبة أو للهداية كغيره، من الذين كانوا يسلمون وإنما قال: إنه صاحبه على (ملء بطنه).