للفقيه المحدث السيد محمد رشيد رضا وارث علم الأستاذ الإمام محمد عبده، قال رحمه الله:
". وأدهى الدواهي أن يكون الحديث مأخوذا عن بعض أهل الكتاب بالقبول، ولم يعز إليه - ولا يغرنك قولهم: إن مراسيل الصحابة حجة، وإن الموقوف الذي لا مجال للرأي فيه - له حكم المرفوع. فإذا ثبت أن أبا هريرة مثلا كان يروي عن كعب الأحبار وأن الكثير من أحاديثه (مراسيل) (1) فالواجب أن يتروى في كل حديث لم يصرح فيه بالسماع من النبي (2). فإذا كان من الإسرائيليات، أو ما في معناها، احتمل أن يكون قد رواه عن كعب، وكان هذا الاحتمال علة مانعة من ترجيح إسناد كلام إلى النبي يوقع في الاشكال (3).
تناقض رجال الحديث:
وإن أمر رجال الحديث لعجيب فإنهم يتناقضون حتى في تطبيق قواعدهم، فبينما هم يجعلون روايات أبي هريرة وغيره من الصحابة التي لم يسمعوها من النبي في حكم المرفوع، ويأخذون بها، إذ بهم يعتبرون مثل هذه الروايات من غير الصحابة في حكم المرسل، وإنهم بذلك ليزنون بميزانين ويكيلون بكيلين، ولا يسألون عما يفعلون، وكأن هذا الامر قد جاءهم فيه نص قاطع من الله أو من رسوله، فهم يخشون أن يخالفوا هذا الامر القطعي أو يخرجوا عليه!
على أننا إذا سلمنا جدلا لمن يقول: إن الصحابة كلهم عدول فإن أبا هريرة خاصة كما قلنا بما حمل تاريخه وما نال من اتهام رواياته على مد الزمن، لا يصح ولا ريب أن تشمله هذه العدالة المطلقة، ولا أن يتفيأ ظلالها.
وأعجب من هذا وأغرب، أنهم - وقد جعلوا التدليس والارسال من أسباب