وهناك رجل صحب النبي قديما وكان من المقربين إليه الملازمين له في السفر والحضر - وكان كذلك من أهل الصفة - وكان له أن يتقدم أبا هريرة في كثرة الرواية - أو في أن يتلقى من النبي ما لم يصل إلى غيره، ولكنه كان متواضعا مؤديا لحق الصحبة، ذلك هو (ربيعة بن كعب الأسلمي).
قال ابن عبد البر في تاريخه:
" كان من أهل الصفة، وكان يلزم رسول الله في السفر والحضر وصحبه قديما وعمر بعده، مات بعد الحرة سنة 63 ه وهو الذي سأل النبي مرافقته في الجنة، فقال له رسول الله: أعني على نفسك بكثرة السجود. رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن ربيعة بن كعب (1).
كان هؤلاء جمعيا أولى الناس بأن يؤثرهم النبي بما لا يريد أن يظهره لسائر الصحابة - إذا كان هناك سر يريد أن يفضى به لاحد من خواصه - وقد قال بعض العلماء: إن اعتقاد ذلك - أي أن النبي قد كتم عن جميع الصحابة شيئا وخصه بأحدهم - يؤدى إلى نسبة الخيانة إلى النبي - ومعاذ الله.
وعلى أنه يزعم هذه المزاعم كلها عن أجربته هذه فإنه يعود فيناقض نفسه ويقول: إن أبا هريرة لا يكتم ولا يكتب (2).
3 - حديث المزود (3):
أما الفصل الثالث وهو الأخير من هذه القصة الطريفة، فهو (حديث المزود) ويغلب على الظن أنه ظهر به بعد أن أصبح ذا حظوة ودالة في دولة بنى أمية - وقد نال مبتغاه من تعويضه، بما ادعى أنه فقده بسبب ضياع هذا المزود الذي أكل منه مائتي وسق! ولو لم يقض عليه جيش معاوية لظل يأكل منه طول حياته!