ملكه بضروب الرهبة والرغبة (1) فمن عارضه أو وقف في سبيله، أرداه ونكل به، إن بالسم، كما فعل بالحسن وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الرحمن ابن خالد بن الوليد، والأشتر النخعي (2) وغيرهم ممن لا يمكن إحصاؤهم كما بيناه آنفا، وكل هؤلاء قد ماتوا بالسم، أو بالقتل كما فعل بحجر بن عدي ومن معه، ومن أرضاه ورضى به وبحكمه وناصره على بغيه، أغدق له من نواله ورفع من مقامه، كما صنع مع أبي هريرة والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص وغيرهم.
معاوية يهدم بناء الحكم الاسلامي الصحيح:
وما اقترفه معاوية ودولته من بغى وعصيان وفتن لم يقف وصفه في المشرق فحسب، بل امتد إلى ما وراءه من بلاد المغرب، وإليك كلمة حكيمة للفيلسوف ابن رشد الحفيد وهي لا تحتاج إلى شرح أو تفسير.
قال هذا الفيلسوف الكبير وهو يتكلم عن الحكم والسياسة:
" إن أحوال العرب في عهد الخلفاء الراشدين كانت على غاية من الصلاح فكأنما وصف أفلاطون حكومتهم لما وصف في (جمهوريته) الحكومة الجمهورية الصحيحة التي يجب أن تكون مثالا لجميع الحكومات، ولكن معاوية هدم ذلك البناء الجليل القديم، وأقام مكانه دولة بنى أمية وسلطانها الشديد، ففتح