أن المخفقة ستباشر ظهري (1)، وفى رواية: لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته.
وعن الزهري قال: قال عمر: أقلوا الرواية عن رسول الله إلا فيما يعمل به (2).
وقد قال الفقيه المحدث محمد رشيد رضا رحمه الله في ذلك: لو طال عمر عمر حتى مات أبو هريرة لما وصلت إلينا تلك الأحاديث الكثيرة (3)، التي منها 449 في البخاري وحده.
هنا وقفة مهمة:
من يحقق النظر فيما صنعه عمر مع أبي هريرة من نهيه عن الحديث وضربه إياه على ذلك، يتنور من خلال ذلك معنى عميقا يقف عنده العقل والمنطق مليا.
ذلك أن عمر لو كان يعلم - وهو الناقد البصير الذي يعرف منازل الصحابة من النبي صلى الله عليه وآله ومكانتهم من العلم والفضل - أن أبا هريرة من الصفوة الممتازين منهم، وأنه كان يلازم النبي صلى الله عليه وآله ويصحبه في غدوه ورواحه، ولم يفارقه لا في سفر ولا حضر من يوم أن أسلم كما زعم هو وأنصاره، وأنه قد أتيح له أن يسمع كل ما ينطق به النبي صلى الله عليه وآله ويضبطه ويحفظه ولا يفوته شئ منه - وأنه وحده قد ظفر بنفحات نبوية ملا بها ثوبه وأجربته (4) لم يظفر بمثلها أحد غيره من الصحابة حتى صارت رواياته بذلك كلها وثيقة، وأحاديثه متواترة صحيحة، وأنه مع ذلك من أهل الفقه والبصر بالدين الذين كانوا في عهد النبي وأبى بكر قبله من المفتين الذين يؤخذ برأيهم، ويصغي إلى أقوالهم!
لو كان عمر يعلم ذلك كله - وأنه قد بلغ هذه المنزلة التي لم يبلغها أحد