هذا الطغيان الأموي إلى ما بعد معاوية حتى تسلم العباسيون الحكم.
وأمر آخر يستوجب الملاحظة، ذلك أن عمر لم يكن هو الذي ولى معاوية على دمشق وإنما الذي ولاه هو أخوه يزيد بن أبي سفيان.
ذلك أنه لما فتحت دمشق في عهد عمر أمر عليها يزيد بن أبي سفيان، ولما احتضر يزيد (مات بالطاعون سنة 18 ه)، استعمل أخاه معاوية مكانه من غير أن يستشير عمر، وأقره عمر على ذلك.
هذان أمران قد يستوجبان الملاحظة على موقف عمر من معاوية وبنى أمية، ولم يأت لنا من أحد من المؤرخين في ذلك بيان نسكن إليه.
فهل جعل عمر (دمشق) من نصيب بنى أمية فأمر عليها في أول الامر يزيد بن أبي سفيان ثم رضى بأن يعهد يزيد هذا بالامارة إلى أخيه معاوية بغير أن يرجع في ذلك إليه؟
وهل فعل عمر ذلك ليتألف بنى أمية وليتقي كيدهم ومكرهم، وهم قوم أهل شر ومكر وكيد؟ أم أن هناك أسبابا أخرى دعت إلى ذلك!
هذا ما لا علم لنا به! وإنما الذي يعلمه هو علام الغيوب!
مثل الولاة الامناء:
تبين لك من سيرة أبي هريرة في ولايته على البحرين أنه كان فيها على غير ما يجب أن يكون عليه الوالي النزيه الأمين، مما جعل عمر بن الخطاب يعزله، ويأخذ منه شطر ماله ثم يصفه بما وصف، وقد كان مما سوغ به أبو هريرة إحرازه للأموال الطائلة التي استولى عليها من البحرين بغير حق، أنه كان يتجر، وهل للوالي النزيه أن يتجر مع رعيته، وبخاصة من كان مثل أبي هريرة؟
وليس غريبا كما قلنا أن يتخذ أبو هريرة هذا السبيل في سيرته بالبحرين.
بل الغريب أن يتخذ غيرها، فإن تاريخه قبل ولايته، لا يمكن أن يؤدى به إلا إلى السبيل التي سلكها، ورضى بها.
ولو شئت أن ترى مثلا عاليا لما يكون عليه الوالي النزيه الأمين فإنا نسوق