وقد روى من أصبح جنبا فلا صيام له (1) فأرسل مروان في ذلك إلى عائشة وحفصة يسألهما فقالتا: كان النبي صلى الله عليه وآله يصبح جنبا من غير احتلام ثم يصوم، فقال للرسول: اذهب إلى أبي هريرة حتى تعلمه! فقال أبو هريرة: إنما حدثني بذلك الفضل بن العباس فاستشهد ميتا وأوهم الناس أنه سمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يسمعه (2).
أبو هريرة أكذب الناس هكذا يقول على رضي الله عنه:
وكان على رضي الله عنه سئ الرأي فيه، فقد روى عنه أنه قال:
ألا إن أكذب الناس - أو قال: أكذب الاحياء على رسول الله صلى الله عليه وآله - لأبو هريرة الدوسي (3) وقال مرة: لا أحد أكذب من هذا الدوسي على رسول الله!
أبو هريرة يشهد بأن عائشة أعلم منه وأفقه:
كان من إنكار عائشة على أبي هريرة الذي ذكره ابن قتيبة آنفا أنها قالت له يوما: إنك لتحدث حديثا ما سمعته من النبي صلى الله عليه وآله، أجابها بجواب لا أدب فيه ولا وقار! فقال لها - كما روى البخاري وابن سعد وابن كثير وغيرهم:
شغلك عنه صلى الله عليه وآله المرآة والمكحلة - وفى رواية: ما كانت تشغلني عنه المكحلة والخضاب، ولكني أرى ذلك شغلك. ورواية الذهبي أن عائشة قالت له:
أكثرت يا أبا هريرة على رسول الله، فكان جوابه: ما كانت تشغلني عنه المرآة ولا المكحلة، ولا المدهن (4).
ولقد كان لام المؤمنين أن ترد عليه قلة أدبه فتجبهه بقولها:
إنما أنت الذي شغلك بطنك، وألهاك نهمك عن رسول الله، حتى كنت تعدو وراء الناس في الطرقات تلتمس منهم أن يطعموك من جوعك، فينفرون منك ويهربون، ثم ينتهى بك الامر إلى أن تصرع مغشيا عليك من الجوع أمام حجرتي، فيحسب الناس أنك مجنون فيطأون عنقك بأرجلهم (5).