وبين الدكتور أحمد أمين صورة هذا القصص فقال: يجلس القاص في المسجد وحوله الناس فيذكرهم بالله ويقص عليهم حكايات وأحاديث وقصصا عن الأمم الأخرى وأساطير ونحو ذلك. لا يعتمد فيها على الصدق بقدر ما يعتمد على الترغيب والترهيب. قال الليث بن سعد " هما قصصان، قصص العامة، وقصص الخاصة، فأما قصص العامة فهو الذي إليه النفر من الناس يعظهم ويذكرهم فذلك مكروه لمن فعله ولمن استمعه، وأما قصص الخاصة فهو الذي جعله معاوية، ولى رجلا على القصص، فإذا سلم من صلاة الصبح جلس وذكر الله عز وجل وحمده ومجده وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ودعا للخليفة ولأهل ولايته وحشمه وجنوده، ودعا على أهل حربه وعلى المشركين كافة (1).
ولابد أن نشير هنا إلى منبعين كبيرين لهؤلاء القصاص وأمثالهم تجد ذكرهما كثيرا في رواية القصص وفى التاريخ وفى الحديث وفى التفسير هما:
وهب بن منبه وكعب الأحبار (2).
هل كان معاوية من كتاب الوحي؟
وهذه صفحة نختم بها الكلام هنا عن (الوضع الأموي) في السياسة والدين وهي تحمل مثلا من هذا الوضع يقاس عليه. ذلك أنهم أرادوا أن يزدلفوا إلى معاوية فجعلوه من (كتاب الوحي) وأمعنوا في هذا الازدلاف، فرووا أنه كتب آية الكرسي بقلم من ذهب جاء به جبريل هدية لمعاوية له من فوق العرش (3)، وقد فشا هذا الخبر بين كثير من الناس على حين أنه في نفسه باطل، تأباه البداهة ويدفع من صدره العقل! إذ كيف يأمن النبي صلى الله عليه وآله لمثل معاوية على أن يكتب له ما ينزل في القرآن! وهو وأبوه وأمه ممن أسلموا كرها. ولما يدخل الايمان في قلوبهم!