هذا وسواه قد صنعه عمر مع أبي هريرة عندما رآه قد أخل بأمانة الوالي الصالح الأمين النزيه، واتبع هواه وكان من الخائنين!
وليس بعجيب أن يأتي أبو هريرة بما أتى في البحرين، ولا أن ما فعله بمستغرب منه لأنه في الحقيقة إنما يكشف بذلك للناس عن أهم جانب من جوانب شخصيته التي وضعنا في يدك مفتاحها عندما حدثناك عما بدا من جشعه وطمعه، في أن ينال من غنائم خيبر ما ليس من حقه.
وإن ما سيقابلك من أفعاله مع معاوية لمما يزيدك إدراكا لحقيقة هذه الشخصية وأغراضها التي ترمى إليها، وأنها لا تتحرج من ركوب أي مركب في سبيل تحقيقها - فقد مثل مع معاوية وقومه آخر فصل من فصول روايته الغريبة التي كان يمثل - على توالى السنين - فصولها، ويعيش في الحياة ما يعيش من أجلها.
وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وآله حيث يقول: " كل ميسر لما خلق له ".
وسيأتيك ما جاء في أمر تولية عمر لولاته، ننقله لنعزز كلامنا به.
أما كثرة أحاديثه فقد كانت في عهد معاوية. أما في زمن أبى بكر وعمر فلم يستطع أن يحدث بحديث واحد لان عمر نهاه عن ذلك بل أوجع ظهره بدرته.
وإليك طرفة نتحفك بها:
طرفة عمر يرمى أبا هريرة بالتنطع في النهاية!
لما استعمل عمر بن الخطاب على البحرين قدامة بن مظعون - كما ذكروا - شرب هناك الخمر، فقدم الجارود العقدي سيد عبد قيس على عمر من البحرين وقال له: إن قدامة شرب فسكر! فقال عمر: من يشهد معك؟ فقال أبو هريرة، إذ كان حينئذ معهم هناك، فدعى أبو هريرة. فقال: لم أره يشرب، ولكني رأيته سكران يقئ! فقال له عمر: لقد تنطعت في الشهادة! وأرسل عمر إلى