ما قدمناه آنفا - أن العلاء لما غزا زارة (1) ودارين (2) في خلافة عمر بن الخطاب رأى أبو هريرة أن يهتبل هذه الفرصة لكي يزدلف بشئ إلى مولاه العلاء، فأخذ يظهر براعته في تصوير ما بهره مما زعم أنه (شاهد بنفسه) من بطولة العلاء وشجاعته في هذه الغزوة مما يجعله في منزلة سعد بن أبي وقاص أو خالد بن الوليد في البطولة.
وكان كلامه في ذلك أقرب إلى الخرافات منه إلى الحقيقة، وإليك شيئا مما قاله لكي تقف على مقدار براعته وتفننه في الرواية!
زعم غفر الله له: أنه كان مع العلاء بن الحضرمي لما بعث في أربعة آلاف إلى البحرين فانطلقوا حتى أتوا على خليج من البحر ما خاضه قبلهم أحد!
ولا يخوضه بعدهم أحد! وأخذ العلاء بعنان فرسه فسار على وجه الماء! وسار الجيش وراءه، قال: (فوالله) ما ابتل (لنا) قدم ولا خف، ولا حافر!
وفى حديث آخر (رأيت) من العلاء أشياء لا أزال أحبه أبدا، قطع البحر يوم دارين وقدم يريد البحرين، فدعا الله بالدهناء، فنبع لهم ماء فارتووا، ونسي رجل منهم بعض متاعه فرد عليه فلقيه ولم يجد الماء، ومات ونحن على غير ماء فأبدى الله لنا سحابة فمطرنا فغسلناه، وحفرنا له (بسيوفنا) ودفناه ولم نلحد له!
وفى رواية له قال: دفنا العلاء، ثم احتجنا إلى رفع لبنة فرفعناها فلم نجد العلاء في اللحد:
وكل الذي هول به أبو هريرة لم تكن حقيقته إلا أن جيش العلاء لما تحصن منه في دارين جمع من المحاربين له - وكان الماء يفصل بينهم دله كراز النكري (3) على مخاضة في الماء فخاضها العلاء بجيشه ووصل إلى دارين وفتحها، وقد عبر إلى دارين من مخاضة كان يخوض منها الناس وأن كراز النكري هو الذي دلهم عليها (4).