هذا بيان لبعض ما كان يتخذه معاوية من وسائل لدعم حكمه الباطل، ولو أن كتابنا هذا قد كسر على إحصاء فعلاته وما اقترف في أيام حكمه لملأنا من ذلك أسفارا.
ولنعد إلى الكلام في أبي هريرة وما قدم لتأييد الحكم الأموي - وهو موضوع كتابنا هذا.
تشيع أبي هريرة لمعاوية علمت من تاريخ أبي هريرة الذي سقناه إليك أنه - كما صرح هو بلسانه - لم يصاحب النبي إلا على ملء بطنه، وأنه لفقره قد اتخذ الصفة ملاذا له يأكل فيها من فضلات الناس وصدقاتهم.
وقد ظل على فقره حياة النبي وعهد أبى بكر وعمر - إلى أن فشا له مال بعد أن تولى البحرين في أواخر عهد عمر، ومن ثم أخذ يظهر بعد انزوائه، ويبدو بين الناس بعد خفائه.
ولما شبت نيران الحرب بين على رضي الله عنه، وبين معاوية، وإن شئت فقل، لما انبعث الصراع بين الأموية والهاشمية، بعد أن توارى فرقا من القوة زمن النبي وأبى بكر وعمر - كما أوضحنا ذلك من قبل - وافترق المسلمون فرقا كثيرة منذ أواخر عهد عثمان - مال أبو هريرة إلى الناحية التي يسكن إليها طبعه، وتتفق مع هوى نفسه، وهي ولا ريب ناحية معاوية، إذ كانت تملك من أسباب السلطان والمال، ومظاهر الترف والنعيم، ما لا تملك بعضه ولا قليلا منه ناحية على، التي ليس فيها إلا الفقر والجوع والزهد وما إلى ذلك مما شبع منه أبو هريرة!
فاتخذ سبيله إلى رحاب معاوية، ليشبع نهمه من ألوان موائده الشهية (2)،