ما تحب؟ قلت: أؤذن لك ولا تسبقني بأذاني.
ولما ذهب إلى البحرين، كان عمله هناك (التأذين) كما طلب هو، ولو أن العلاء كان يأنس من أبي هريرة القدرة على أداء أي عمل ديني، لما قال له:
انظر ماذا تحب؟
وكذلك لو كان النبي يعلم منه أنه كفى للقيام بأي أمر من أمور الدين لقال للعلاء وهو يوصيه: إني أرسله معك ليعلم الناس دينهم، كما كان يرسل غيره مثل معاذ بن جبل وابن مسعود، وأبى موسى الأشعري (1) - الذي أسلم مع أبي هريرة في وقت واحد - وغيرهم - ليعلموا الناس دينهم! (2).
ويخلص من ذلك كله، أن أبا هريرة لم يكن كما قلنا يفقه شيئا من أمور الدين ينفع الناس به في زمن النبي صلى الله عليه وآله وزمن أبى بكر وعمر وعثمان وسنثبت ذلك بأدلة قوية أخرى فيما بعد إن شاء الله.
أما التأذين الذي كان يحسنه مع العلاء بن الحضرمي، وظل يؤديه إلى زمن مروان بن الحكم الذي كان واليا لمعاوية على المدينة بعد سنة 41 ه التي تم فيها الغلب للطليق معاوية. فيبدو أن إحسان أبي هريرة له إنما جاءه، لأنه كان يجيد الحداء في زمن شبابه أيام خدمته لابن عفان وبسرة ابنة غزوان - وبذلك يثبت ثبوتا قاطعا صحة ما حققه ابن سعد في طبقاته وغيره من أن أبا هريرة لم يظهر بالفتوى والتحديث إلا بعد مقتل عثمان - وسنأتيك بما ذكره ابن سعد وغيره في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله.
ومن الأدلة القوية التي نسوقها لاثبات وجود أبي هريرة في البحرين - غير