كذلك، هو أعلم الناس بحرام الدين وحلاله، وكان من الذين يفتون على عهد رسول الله ومن الذين يستشيرهم عمر، ومن قوله: ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله - من ذكر الله، وأخذ ذلك من قوله تعالى: " ولذكر الله أكبر " (آية 45 من سورة العنكبوت). له في البخاري ستة أحاديث.
أصحاب كبار لم يرووا عن النبي شيئا:
ثبت أن كثيرا من كبار الصحابة لم يرووا عن النبي شيئا، منهم سعيد بن زيد بن نفيل أحد العشرة (1) - وأبى بن عمارة المدني، قال المزي له حديث واحد في المسح على الخفين.
ملاحظة دقيقة لمن يفهم:
للعلامة الكبير السيد عبد الحسين شرف الدين كلمة قيمة علق بها على (كمية حديث أبي هريرة) التي بلغت في كتب السنة 5374 كما بينا، وقارن فيها بين هذه (الكمية الهائلة) وبين ما روى عن الخلفاء الأربعة وخرج من هذه المقارنة بأن نسبة ما رووه عنهم جميعا صحيحا وغير صحيح - وبين ما رواه هو وحده هي 27 %، وإنا نقتطف من هذه الكلمة السطور الآتية لنضعها في مكانها من كتابنا هذا قال رحمه الله وأثابه:
فلينظر ناظر بعقله في أبي هريرة وتأخره في إسلامه، وخموله في حسبه وأميته، وما إلى ذلك مما يوجب إقلاله، ثم لينظر إلى الخلفاء الأربعة وسبقهم واختصاصهم وحضورهم في تشريع الاحكام، وحسن بلائهم في اثنتين وخمسين سنة، ثلاث وعشرين كانت بخدمة رسول الله وتسع وعشرون من بعده، ساسوا فيها الأمة وسادوا الأمم، وفتح الله لهم ملك كسرى وقيصر، فمدنوا المدن، ومصروا الأمصار، ونشروا دعوة الاسلام، وصدعوا بأحكامه، وأذاعوا السنن، ينحدر عنهم السيل، ولا يرقى إليهم الطير! فكيف يمكن والحال هذه أن يكون المأثور عن أبي هريرة وحده أضعاف المأثور عنهم جميعا!
أفتونا يا أولى الألباب؟ (2)