وقائع لم يحضرها - ويزعم أنه حضرها:
كان أبو هريرة لا يفتأ يعمل على ما يرفع من شأنه في عهد بنى أمية ويتخذ كل سبيل لهذه الغاية، وكان مما صنع في ذلك أن يدعى حضور وقائع لم يرها!
ومن ذلك أنه قال، كما روى البخاري: افتتحنا خيبر ولم نغنم ذهبا ولا فضة، إنما غنمنا البقر والإبل والمتاع! وقد جاء هذا الحديث كذلك في مسلم على حين أنه لم يشهد الفتح إجماعا وإنما جاء بعد الفتح.
ومن ذلك أنه زعم أنه كان مع أبي بكر في حجته، وأورد في ذلك أحاديث ملفقة متعارضة - وللأسف أوردها البخاري في كتابه - وكلها قد جاءت من قبل أبي هريرة وابنه المحرر، فمرة يقول (1): إن أبا بكر قد بعثه في مؤذنين في تلك الحجة ليؤذن في الناس، ثم أردف النبي صلى الله عليه وآله بعلي، فأمره أن يؤذن ببراءة (معنا) أي أنه كان مع أبي بكر وأن عليا قدم عليهم.
وتارة أخرى يقول فيها: كنت في البعث الذين بعثهم رسول الله مع علي ببراءة وكنا نقول: لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فأجله إلى أربعة أشهر (2).
ولا نتوسع في إيراد هذا التخليط في هذا الامر حتى لا نطيل بغير فائدة ونقول:
إن الامر في حجة أبى بكر ظاهر مكشوف، وقد أورده ابن إسحاق في سيرة ابن هشام والطبري وغيرهما من المحققين ولم يذكر فيها شئ عن أبي هريرة وإنا نلخص هنا ما جاء في سيرة ابن هشام عنها (3):
بعث رسول الله أبا بكر أميرا على الحج سنة 9 ه وبعد أن فصل أبو بكر عن المدينة نزلت سورة براءة، فقيل لرسول الله: لو بعثت بها أبا بكر؟ فقال: