وأبو حنيفة وأصحابه:
ثم يأتي بعد النخعي وأصحابه شيخ أئمة الفقه أبو حنيفة وأصحابه الفقهاء الاعلام لا ليؤيدوا آراء من سبقهم في أبي هريرة فحسب، بل ليزيدوا عليها، فإذا كان النخعي وأصحابه يجدون في أحاديث أبي هريرة شيئا وأنهم كانوا يدعون منها، ولا يأخذون إلا ما كان من حديث جنة أو نار - كما علمت ذلك من أقوالهم التي قرأتها آنفا، فإن أبا حنيفة وأصحابه والآخذين بمذهبه - وهم شطر كبير من الأمة الاسلامية - لا يثقون جميعا بأبي هريرة ولا يأخذون برواياته كلها وهاك طرفا مما جاء عنهم في ذلك:
روى محمد بن الحسن (صاحب أبي حنيفة) عن أبي جنيفة أنه قال:
أقلد من كان من القضاة المفتين من الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلى والعبادلة الثلاثة ولا أستجيز خلافهم برأيي، إلا ثلاثة نفر.
وفى رواية: أقلد جميع الصحابة ولا أستجيز خلافهم برأيي إلا ثلاثة نفر (أنس بن مالك وأبو هريرة وسمرة) فقيل له في ذلك فقال: أما أنس فاختلط في آخر عمره، وكان يستفتى فيفتي من عقله، وأنا لا أقلد عقله، وأما أبو هريرة، فكان يروى كل ما سمع من غير أن يتأمل في المعنى (1)، ومن غير أن يعرف الناسخ من المنسوخ (2).