السلطان دنوا، إلا ازداد من الله بعدا "، وروى النسائي والترمذي والحاكم وصححاه وغيرهم من حديث كعب بن عجرة مرفوعا: سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس منى، ولست منه، ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم فهو منى، وأنا منه، وهو وارد على الحوض.
وهناك أحاديث كثيرة في ذلك أخرجها الجلال السيوطي في كتاب (الأساطين في عدم المجئ إلى السلاطين " وقد تركناها خشية الإطالة.
ولا يمتري أحد أن الصفات التي ذكرها المفسرون في تفسير آية " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار "، وما جاء في الأحاديث الشريفة، ينطبق كله على أبي هريرة، ومن على شاكلته في مداخلة معاوية والركون إليه.
أيادي بنى أمية على أبي هريرة:
عرف بنو أمية صنيع أبي هريرة معهم، وقدروا موالاته لهم فأغدقوا عليه من أفضالهم، وغمروه برفدهم وأعطياتهم، فلم يلبث أن تحول حاله، من ضيق إلى سعة، ومن شقاء إلى دعة، ومن فقر إلى ثراء، ومن ضعة إلى علياء.
وبعد أن كان يستر جسمه بنمرة بالية، أصبح يلبس الخز (1) والديباج (2) والكتان الممشق والساج المزرور بالديباج، وبعد أن كان خادما صار سيدا مخدوما! ومن قوله كما جاء في الحلية: نزعت نمرة على ظهري فبسطتها بين يديه صلى الله عليه وآله كأني أنظر إلى القمل يدب عليها. وكان يربطها في عنقه فتبلغ ساقه فيجمعها بيده لئلا تبدو عورته.
وروى البخاري عن محمد بن سيرين قال: كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان من كتان، فقال: بخ بخ يتمخط في الكتان! لقد رأيتني وإني لاخر فيما بين منبر رسول الله إلى حجرة عائشة مغشيا على! فيجئ الجائي