عدو شديد ماكرهم اليهود، ومع هؤلاء وهؤلاء انبعث عدو أخبث من خلق الله وهم المنافقون - وكانت المدينة مباءة للنفاق، ولعل ذلك بسبب وجود اليهود بينهم.
وأجمع هؤلاء الأعداء الأشداء أمرهم بينهم على أن يحاربوا النبي صلى الله عليه وآله ودعوته حربا لا هوادة فيها، واتصلت هذه الحرب بينهم وبينه بضع سنين حتى كان يوم فتح مكة فاستسلمت قريش وعلى رأسها أبو سفيان بن حرب ومن النبي صلى الله عليه وآله عليهم بالعفو وسموا من هذا اليوم (الطلقاء) ثم زاد من فضله عليهم وبره بهم - على ما كانوا يضمرون من بغض له ولدعوته في نفوسهم - فتألفهم بالمال يهبه لهم وعاملهم بالحسنى وهم المعروفون (بالمؤلفة قلوبهم).
وقعة خيبر وإذا كان ليس من همنا أن نتوسع هنا بالكلام عن تلك الحروب التي وقعت بين النبي صلى الله عليه وآله وبين أعدائه لان هذا الكتاب لم يعقد لذلك، فإنه لابد لنا من أن نشير إلى وقعة منها، لأنها تتصل بموضوعنا الذي نحن فيه، تلك هي وقعة (خيبر).
كانت وقعة خيبر هذه سنة سبع من الهجرة وبعد أن فرغ النبي منها منتصرا، قدم اليمنيون من بلادهم على النبي صلى الله عليه وآله ليسلموا، وكذلك قدم أبو هريرة الذي هو موضوع كتابنا.
قدوم الأشعريين والدوسيين إلى النبي صلى الله عليه وسلم خرج أبو موسى الأشعري ومن كان معه من الأشعريين من بلادهم - كما قال هو - وقدم على النبي صلى الله عليه وآله الأشعريون منهم والدوسيون وهو بخيبر وكان ذلك بعد أن افتتحت في سنة 7 ه. وإليك ما رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري: