تدليس الصحابة كثير ولا عيب فيه. وقد جاء قول يزيد بن هارون هذا الذي سمع شعبة - تاما - في رواية أخرى، وهاك نصها كاملا كما جاء في البداية والنهاية، قال يزيد بن هارون:
سمعت شعبة يقول: أبو هريرة كان يدلس، أي يروى ما سمعه من كعب الأحبار وما سمعه من رسول الله، فلا يميز هذا من هذا - ذكره ابن عساكر - وكان شعبة يشير بهذا إلى حديثه (من أصبح جنبا فلا صيام له) (1) فإنه لما حوقق عليه قال: أخبرنيه مخبر ولم أسمعه من رسول الله (2).
وما دام قد ثبت أن أبا هريرة كان (مدلسا) وكان الحديث الذي يرويه (المدلس) يسميه رجال الحديث (مرسلا) فقد وجب علينا أن نقول كلمة وجيزة في (الحديث المرسل) واختلاف شيوخ الحديث والفقه في الاحتجاج به، لان الكلام في الحديث المرسل متصل بالتدليس، حتى نستوفي تاريخ أبي هريرة من جميع أطرافه.
التدليس والمدلسون:
التدليس كما عرفوه أن يروى (الراوي) عمن لقيه ما لم يسمعه منه، أو عمن عاصره، ولم يلقه موهما أنه سمعه منه.
وقال الحاكم في النوع السادس والعشرين من كتابه (معرفة علوم الحديث).
التدليس عندنا على ستة أجناس - ثم تكلم عن الجنس الثاني فقال: " إنهم قوم يدلسون الحديث، فيقولون قال فلان، فإذا وقع من ينقر عن أسماعهم ويراجعهم ذكروا فيه سماعاتهم (3).
وأبو هريرة ولا ريب من هذا الجنس، لأنه كان يروى عن غيره من الصحابة، دون أن يذكر اسم من روى عنه، ثم يرفعه إلى النبي فإذا حوقق في