تنبيه وتحذير! هذا هو كتاب (شيخ المضيرة) الذي استخرت الله في تصنيفه، وأنفقت ما أنفقت من الجهد في سبيله، وليس لي علم الله - أي غرض من وراء نشره إلا أن يعرف الناس تاريخ هذا الصحابي الذي ملا الأرض - دون غيره - حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله على حين أنه لم يصاحبه إلا زمنا يسيرا.
وقد سقنا هذا التاريخ مكشوفا بعد أن نزعنا عنه ثوب (الرواية) الملفق الذي يظهره في غير صورته، وأظهرنا شخصيته عارية على حقيقتها، وعرضنا سيرته كما وقعت على وجهها، من يوم أن كان يرعى الغنم في بلاده، ويخدم ابن عفان وبسرة ابنة غزوان بطعامه، وقدومه على النبي صلى الله عليه وآله ليخدمه على ملء بطنه، واتخاذه الصفة مثابة له بعد إسلامه، وكان يومئذ حافي القدمين لا يستر جسمه إلا إزار بال لا يبلغ نصف الساقين! حتى كان يجمعه كراهية أن ترى عورته (1) إلى أن أصبح من ذوي الثراء العريض، يتأثل الأراضي الواسعة بالعقيق، وبذي الحليفة، ويبتني قصرا منيفا بالعقيق، ويلبس الخز والكتان الممشق، والساج المزرور بالديباج، وغير ذلك مما لم يكن يحلم به، أو يخطر بباله.
ولم يبلغ ذلك كله إلا بعد أن وصل حبله بحبل معاوية، وصار من أنصاره ودعاته، ولم نأل جهدا في دراسة هذا التاريخ وتمحيص حقائقه، واستقصاء