إذ كانت خطة معاوية في الامن والتأمين قائمة على فكرة واحدة وهي التفرقة بين الجميع، وسيان سكنوا عن رضا منهم بالحال، أو سكنوا عجزا منهم عن السخط والاعتراض، وكان سكونهم سكون أيام أو كان سكون الأعمار والأعوام (1).
وعلل العقاد جميع أعمال معاوية بعلة: المصلحة الذاتية، أو مصلحة الأسرة والعشيرة (2).
وأرجع العقاد ذلك إلى حكم الوراثة فقال:
تميزت لبني أمية في الجاهلية وصدر الاسلام خلائق عامة يوشك أن تسمى - لعمومها بينهم - خلائق أموية، وهي تقابل ما نسميه في عصرنا بالخلائق الدنيوية أو النفعية، ويراد بها أن المرء يؤثر لنفسه ولذويه ولا يؤثر عليها وعليهم في مواطن الايثار (3).
الذين يزيفون التاريخ:
ثم التفت العقاد إلى الذين يزيفون التاريخ فقرعهم بهذا التقريع الأليم فقال:
. وإنما المحنة الشائعة من أولئك النهازين المتطوعين الذين يقبلون العملة الزائفة، ويرفضون ما عداها، ويجاهدون من يكشف هذا الزيف ويقومه بقيمته الصحيحة، ثم تكثر العملة الزائفة في الأيدي حتى يوشك أن تطرد العملة الصحيحة وتحيطها بالريبة والحذر، ولا ينفع المحك الناقد في هذه الحالة، لان المحك الناقد لم يسلم قبلها من التزييف (4).
وبعد أن تكلم عن الذين يزيفون تاريخ معاوية، وبين حرصهم على مطاوعة أهوائهم، كأنهم من صنائع الدولة في إبان سلطانها، وبين عطاياها المغدفة، قال:
ولولا أننا نأبى أن نضرب الأمثلة بالأسماء لذكرنا من هؤلاء المؤرخين المعاصرين من يتكلم في هذا التاريخ كلاما ينضح بالغرض ويشف عن المحاباة بغير حجة (5).