نهم أبي هريرة لشخصية أبي هريرة نواح كثيرة منها نهمه الشديد للطعام، ومن أجل ذلك كان - كما علمت - يتكفف الأبواب ويستكف الناس (1)، وهذا النهم كان له ولا ريب أثر بعيد في حياته، وقد لازمته هذه الصفة طول عمره حتى لقد جاءت الرواية الصحيحة أنه لما نشب القتال في صفين بين على رضي الله عنه وبين معاوية - كان يأكل على مائدة معاوية الفاخرة، ويصلى وراء على، وإذا احتدم القتال لزم الجبل (2).
ومرد ذلك إلى أنه لم يؤت قناعة في نفسه تعصمه من التعرض لما يأتي من ورائها من زراية الناس واحتقارهم.
وقد عرضنا لذكر هذه الخلة فيه حتى لا يبدو تاريخنا له غير كامل.
ولقد تبين لك مما رواه هو عن نفسه أنه قد بلغ من أمره أنه كان يعترض الناس في طرقهم، ويغشاهم في بيوتهم ليستطعمهم، وأنهم كانوا، يصرفون وجوههم عنه. وقد اشتهر ذلك عنه حتى لقد اضطر النبي صلوات الله عليه أن يأمره بأن يزور الناس غبا كما ستقف عليه فيما بعد، وقد ظلت هذه الشهرة تلاحقه على مد التاريخ كله.
وسيقابلك كذلك بعض ما ذكره العلماء والكتاب في هذا النهم وبخاصة شغفه بالمضيرة.