على أنهم مجمعون على أنه ملعون من قتل مؤمنا متعمدا أو متأولا، فإذا كان القاتل سلطانا جائرا، وأميرا عاصيا. لم يستحلوا سبه، ولا خلعه ولا نفيه ولا عيبه، وإن أخاف الصلحاء، وقتل الفقهاء، وأجاع الفقير، وظلم الضعيف وعطل الحدود والثغور، وشرب الخمور، وأظهر الفجور، ثم ما زال الناس يتسكعون مرة، ويداهنونهم مرة، ويقاربونهم مرة، ويشاركونهم مرة، إلا بقية ممن عصمه الله تعالى ذكره!
ثم أخذ الجاحظ يبين ما وقع ممن جاء بعد يزيد من الفظائع التي تقشعر منها الأبدان، ولم يسمع بمثله في أي زمان.
ولو أن المقام يحتمل ما في رسالة الجاحظ مما ارتكب بنو أمية من الظلم والبغي والقهر لجئنا به كاملا، فليرجع إلى هذه الرسالة القيمة - وهي مطبوعة - من يريد.
أبو سفيان بن حرب:
قال الشاعر وصدق:
عبد شمس قد أضرمت لبني * هاشم نارا يشيب منها الوليد فابن حرب للمصطفى وابن هند * لعلى وللحسين يزيد وابن حرب، هو أبو سفيان بن أمية بن عبد شمس.
كان رأسا من رؤوس الأحزاب على رسول الله، ومن الذين أجمعوا على منابذته، وممن حضروا دار الندوة ليتشاوروا في قتله، وتعاقدوا على القضاء عليه، كما ذكر ذلك المقريزي من قبل.
ثم كان على رأس المحرضين على محاربة النبي في موقعة بدر (1) - وفى هذه