ومن تناقضهم كذلك: أنه على رغم اعتراف أبي هريرة نفسه بأن النبي قد بعثه إلى البحرين كما مر بك، وأنه رأى بعينه حرب المرتدين هناك مع العلاء وزعمه بأنه شاهد الخوارق التي وقعت من العلاء في هذه الحرب كخوضه لخليج البحر، وسيره بفرسه على وجه الماء.. الخ ما خرف به وتلوته قريبا - ثم شهادته على قدامة عندما شرب الخمر وهو في البحرين - على رغم ذلك كله وغيره.
من الأدلة القاطعة، والقرائن الصحيحة التي تقطع بوجوده في البحرين من يوم أن ذهب مع العلاء بن الحضرمي - يأتي ابن حجر الذي يقولون عنه بأنه أمير المؤمنين في الحديث فيروي من مزاعم أبي هريرة هذا الخبر بغير مناقشة ولا اعتراض، كأنه من الأخبار الصحيحة كعادتهم في تصديق كل صحابي فيما يرويه مهما كان، على حين أنه ينادى على نفسه بأنه كذب محض وهذا الخبر هو:
" قدمت ورسول الله بخيبر وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين، فأقمت معه حتى مات!! أدور معه في بيوت نسائه! وأخدمه - وأغزو معه وأحج فكنت أعلم الناس بحديثه (1).
وهذه المتناقضات وغيرها مما لا نعرض له، لا نعنى بها، ولا نلتفت إليها، وندعها لأصحابها! وإنما الذي يهمنا ويعنينا ويجعلنا لا نحول وجهنا إلى غيره مهما كان، ومهما كان قائله - هو إثبات وجود أبي هريرة في البحرين من يوم أن ذهب إليها مع العلاء بن الحضرمي في شهر ذي القعدة سنة 8 ه وأنه ظل هناك ولم يعد إلى المدينة إلا بعد وفاة النبي صلوات الله عليه بسنين طويلة - لكي يتبين للناس كافة مقدار الزمن الصحيح الذي قضاه تحت ظل الصفة بمسجد المدينة في حياة النبي صلى الله عليه وآله، وهذا الزمن هو عام وتسعة أشهر فقط،