وقال رضي الله عنه: لم يرزأ الاسلام بأعظم مما ابتدعه المنتسبون إليه، وما أحدثه الغلاة من المفتريات عليه، فذلك ما جلب الفساد على عقول المسلمين وأساء ظنون غيرهم فيما بنى عليه الدين.
وإن عموم البلوى بالأكاذيب حق على الناس بلاؤه في دولة الأمويين!
فكثر الناقلون، وقل الصادقون، وامتنع كثير من أجلة الصحابة عن الحديث إلا لمن يثقون بحفظه (1).
ولقد كان من عموم البلوى بالأكاذيب الذي حق على الناس بلاؤه في دولة الأمويين - وأشار إليه الأستاذ الامام في كلامه ما صنعه معاوية لنفسه - بأن وضع قوما من الصحابة والتابعين على رواية أخبار قبيحة على علي عليه السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله فاختلقوا ما أرضاه، منهم أبو هريرة (2).
وقال الدكتور أحمد أمين في كلامه عن اتخاذ الحديث وسيلة للأغراض السياسية وغيرها وعن نفاق بعض المحدثين في كتابه ضحى الاسلام بالصفحة 123 من الجزء الثاني.
ويسوقنا هذا إلى أن نذكر هنا أن الأمويين فعلا قد وضعوا، أو وضعت لهم أحاديث تخدم سياستهم من نواح متعددة، منها أحاديث في زيادة مناقب عثمان - إذ كان هو الخليفة الأموي من الخلفاء الراشدين، وهم به أكثر اتصالا مثل حديث: إن عثمان تصدق بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في جيش العسرة فنزل رسول الله من على المنبر وهو يقول: ما على عثمان ما عمل بعد هذه! ما على عثمان ما عمل بعد هذه!. وروى الطبري أن معاوية بن أبي سفيان لما ولى المغيرة ابن شعبة الكوفة في جمادى سنة 41 دعاه وقال له:
أردت إيصاءك بأشياء كثيرة فأنا تاركها اعتمادا على بصرك بما يرضيني، ويسعد سلطاني ويصلح به رعيتي، ولست تاركا إيصاءك بخصلة، لا تتحم!
(أي لا تتجنب) عن شتم على وذمه والترحم على عثمان والاستغفار له، والعيب على أصحاب على، والاقصاء لهم، وترك الاستماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان