فإذا دعوت فأمنوا رحمكم الله، ثم أقول: اللهم العن أنت وملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه، والعن الفئة الباغية، اللهم العنهم لعنا كثيرا، أمنوا رحمكم الله، يا معاوية، لا أزيد على هذا ولا أنقص منه حرفا ولو كان فيه ذهاب نفسي. فغص معاوية بريقه وقال: إذن نعفيك يا أبا بحر (1).
وسمع الأحنف رجلا يقول: ما أحلم معاوية! فقال: لو كان حليما ما سفه الحق (2).
وكتب سعيد بن العاص إلى عثمان، وكان واليا من قبله على الكوفة: إني لا أملك من الكوفة مع الأشتر (النخعي) وأصحابه الذين يدعون القراء، وهم السفهاء، شيئا، فكتب إليه أن سيرهم إلى الشام، فخرج المسيرون من قراء أهل الكوفة فاجتمعوا بدمشق فبرهم معاوية وأكرمهم، ثم إنه جرى بينه وبين الأشتر قول حتى تغالظا، فحبسه ثم أخرجه من الحبس، ولما بلغه أن قوما من أهل دمشق يجالسون الأشتر وأصحابه، كتب إلى عثمان: إنك بعثت إلى قوما أفسدوا مصرهم وأنغلوا، ولا آمن أن يفسدوا طاعة من قبلي، ويعلمونهم ما لا يجدونه حتى تعود سلامتهم غائلة واستقامتهم اعوجاجا (3).
وروى المسعودي في مروج الذهب، أن معاوية حبس صعصعة بن صوحان العبدي و عبد الله بن الكواء اليشكري ورجالا من أصحاب على مع رجال من قريش فدخل عليهم يوما فقال: ناشدتكم الله إلا ما قلتم حقا وصدقا، أي الخلفاء رأيتموني؟
فقال ابن الكواء: لولا أنك عزمت علينا ما قلنا! لأنك جبار عنيد لا تراقب الله في قتل الأخيار، ولكنا نقول: إنك ما علمنا واسع الدنيا ضيق الآخرة