إن هذا مما لا يمكن أن يقبله العقل السليم! وأما من ناحية النقل فإنه لم يأت فيه خبر صحيح يؤيده، ولقد كان على الذين (وضعوا) هذا الخبر أن يسندوه ببرهان يؤيده وذلك بأن يأتوا ولو بآية واحدة قد نزلت في القرآن وكتبها معاوية!
على أننا لا نستعبد أن يكون قد كتب للنبي صلى الله عليه وآله في بعض الاغراض التي لا تتصل بالوحي، لان هذا من الممكن، أما أن يكتب شيئا من القرآن فهذا من المستحيل. قال المدائني كان زيد بن ثابت يكتب الوحي وكان معاوية يكتب للنبي صلى الله عليه وآله فيما بينه وبين العرب (1).
ومن العجيب أن يظل هذا الزعم الباطل يأخذ مكانه من بعض الأذهان في هذا العصر ويسلم به حتى في بعض الجامعات.
ففي ذات يوم كنت في زيارة الأستاذ الفاضل الدكتور عبد الجبار المطلبي المستشار الثقافي بالسفارة العراقية بمصر (سابقا) فقال لي: هل لك إلى أن تشهد امتحانا لاحد الطلبة العراقيين في رسالة قدمها إلى جامعة القاهرة لكي ينال عليها درجة دكتور في الأدب - موضوعها (بلاغة القرآن وإعجازه) فأغراني جلال الموضوع بأن أحضر هذا الامتحان، وفى الموعد المحدد له التقيت بالدكتور عبد الجبار في قاعة الامتحان وكانت غاصة بالحضور، وأخذت أستمع لما يقال من الطالب وممتحنيه في إنصات حتى انتهت المناقشة.
وقد بدت لي بعض ملاحظات مما جرى بين الطالب وأساتذته حفظتها كلها لنفسي، ولكني لم أملك أن أسكت عن ملاحظتين على هذا الطالب، وما لبثت أن واجهته بهما بمحضر من كانوا في القاعة جميعا (2).