إحداهما: أنه جعل معاوية من كتاب الوحي، وقد سألته من أين جاء بهذا الخبر الذي لا يصح عند العلماء المحققين؟
فقال: لقد نقلته عن ابن القيم! وسكت!
والآخر: أنه لم يذكر كتاب (إعجاز القرآن للرافعي) بين المصادر التي رجع إليها في رسالته، ولما سألته عن ذلك قال: إني لم أعرف هذا الكتاب!
وقد هالني هذا الجواب إذ كيف يفوت طالب يبحث في إعجاز القرآن وبلاغته أن يطلع على هذا المصدر العظيم وهو أقوى وأبلغ مصدر في موضوعه، وكيف يقول إنه لم يطلع عليه، وقد ذاعت شهرته بين جميع الآفاق الاسلامية، وحسبه من الوصف أن قال فيه الزعيم الكبير سعد زغلول: " كأنه تنزيل من التنزيل، أو قبس من نور الذكر الحكيم " ومن الغريب أنى لم أسمع من أحد من الممتحنين سؤالا عن أمر معاوية وعلى أي دليل ارتكن عليه في إثبات أنه كان من كتاب الوحي! وكذلك لم يسألوه عن كتاب إعجاز القرآن للرافعي وكيف لا يذكره بين المصادر التي رجع إليه وكأنهم هم كذلك لا يعرفونه!
وإذا كان ما قاله هذا الطالب عن معاوية غريبا فإن جهله بكتاب الرافعي.
أغرب وأعجب! ومن أجل ذلك لا يصح أن يؤاخذ بما يقع منه من خطأ، وليترك في شفاعة الجهل الذي هو أكبر شفيع في هذا العصر - وسبحان الخلاق العظيم.
وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:
وكان معاوية أحد كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله، واختلف في كتابته له كيف كانت، فالذي عليه المحققون من أهل السير أن الوحي كان يكتبه علي عليه السلام، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وأن حنظلة بن الربيع التيمي ومعاوية ابن أبي سفيان كانا يكتبان له إلى الملوك وإلى رؤساء القبائل، ويكتبان حوائجه بين يديه، ويكتبان ما يجبى من أموال الصدقات، وما يقسم في أربابها (1).