أجمعها فصرها إليك فأصبحت لا أسقط حرفا مما حدثني.
وعن المقبري عن أبي هريرة قال: قلت لرسول الله، إني سمعت منك حديثا كثيرا - فأنساه - فقال: ابسط (رداءك) فبسطته فغرف بيديه فيه، ثم قال: ضمه، فضممته فما نسيت حديثا بعده (1).
ولأن حديث (بسط الثوب) مهم في تاريخ أبي هريرة، واختلفت رواياته، وهو في نفسه يعتبر خرافة أو من أهم غرائبه، ولم نر أحدا - وا أسفا - قد ناقش هذا الحديث مناقشة علمية تحليلية غير العلامة الكبير الأستاذ عبد الحسين شرف الدين في كتابه (أبو هريرة)، فقد رأينا أن نمد القراء بملخص (2) لما ناقش به هذا الحديث لان كلامه في ذلك طويل. قال رحمه الله:
إن لنا على بطلان هذا الحديث وجوها:
الأول: أنه زعم أن المهاجرين كان يشغلهم عن النبي الصفق بالأسواق، والأنصار كان يشغلهم علم أموالهم (3)، فساق السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كافة بعصا واحدة. وأي قيمة للقول بأن جميع المهاجرين كان يلهيهم الصفق بالأسواق! بعد قوله تعالى: " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله " الآية. وهل لمعارض كتاب الله إلا الضرب بعرض الجدار.
ومن هو أبو هريرة ليحضر حين يغيب الخصيصون برسول الله، ويحفظ حين ينسون؟ يقول هذا القول بملء فيه غير متئد ولا خجل ولا وجل، إذ قاله في عهد معاوية وحيث لا عمر ولا عثمان ولا على ولا طلحة ولا الزبير، ولا سلمان (الفارسي) ولا عمار ولا المقداد، ولا أبو ذر ولا أمثالهم.
يدعى ذلك وهو يدرك أن الناس يعلمون موضع على من رسول الله بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعه في حجره وهو ولد. ويرفع له في كل يوم من أخلاقه علما، وكان بعد ذلك أقضى أمته وعيبة سره، ووارث حكمته..