فيه من كلام أبي ذر ووداعه فوالله ما أردت مسائتك ولا الخلاف عليك ولكن أردت به قضاء حقه وأما مروان فإنه أعترض يريد ردى عن قضاء حق الله تعالى فرددته رد مثلي مثله وأما ما كان منى إليك فإنك أغضبتني فاخرج الغضب منى ما لم أرده فتكلم عثمان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما ما كان منك إلى فقد وهبته لك وأما ما كان منك لمروان فقد عفى الله عنك وأما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق فادن يدك فاخذ يده فضمها إلى صدره فلما نهض قالت قريش وبنو أمية لمروان أما أنت فقد جبهك على وضرب راحلتك وقد تفانت وائل في ضرع ناقة وذبيان وعبس في لطمة فرس والأوس والخزرج في نسعه أفتحمل لعلى ما أتاه إليك فقال مروان فوالله لو أردت ذلك قدرت عليه.
وروى أن عبد الله بن مسعود لما بلغه خبر نفى أبي ذر إلى الربذة وهو إذ ذاك بالكوفة قال في خطبة بمحفل من أهل الكوفة فهل سمعتم قول الله تعالى ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم يعرض بذلك بعثمان فكتب الوليد بذلك لعثمان فأشخصه من الكوفة فلما دخل مسجد النبي صلى الله عليه وآله أمر عثمان غلاما له أسود فدفع ابن مسعود وأخرجه من المسجد ورمى به الأرض وأمر باحراق مصحفه وجعل منزله حبسه وحبس عنه عطاءه أربع سنين إلى أن مات.
وروى شهر ابن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال كنت عند أبي الدرداء إذ دخل عليه رجل من المدينة فسأله فقال أين تركت أبا ذر فقال بالربذة فقال انا لله وإنا إليه راجعون لو أن أبا ذر قطع منى عضوا ما هجيته لما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول فيه.
وروى بعض المؤرخين قال لما أمر أبو ذر بالمسير إلى الربذة سار إليها فأقام بها أياما ثم أتى المدينة فدخل على عثمان والناس عنده سماطين فقال يا أمير المؤمنين انك أخرجتني إلى أرض ليس بها زرع ولا ضرع وليس لي خادم يخدمني