لا للعطف. وبيان هذا في قوله تعالى: * (لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء) * وقال تعالى: * (فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمحو الله الباطل) * وأما واو العطف فإنه يدخل بين جملتين أحدهما ناقص والآخر تام بأن لا يكون خبر الناقص مذكورا فلا يكون مفيدا بنفسه، ولا بد من جعل الخبر المذكور للأول خبرا للثانية حتى يصير مفيدا، كقول الرجل جاءني زيد وعمرو، فهذا الواو للعطف، لأنه لم يذكر لعمرو خبرا ولا يمكن جعل (هذا) الخبر الأول خبرا له إلا بأن يجعل الواو للعطف حتى يصير ذلك الخبر كالمعاد لان موجب العطف الاشتراك بين المعطوف والمعطوف عليه في الخبر، فمن قال بالقول الأول فقد ذهب إلى التسوية بين واو العطف وواو النظم باعتبار أن الواو في أصل اللغة للعطف، وموجب العطف الاشتراك، ومطلق الاشتراك يقتضي التسوية، فذلك دليل على أن القران في النظم يوجب المساواة في الحكم.
ثم الأصل أنا نفهم من خطاب صاحب الشرع ما يتفاهم من المخاطبات بيننا، ومن يقول امرأته طالق وعبده حر إن دخل الدار فإنه يقصد الاشتراك بين المذكورين في التعليق بالشرط، وذلك يفهم من كلامه حتى يجعل الكل متعلقا بالشرط وإن كان كل واحد من الكلامين تاما لكونه مبتدأ وخبرا مفهوم المعنى بنفسه، فعليه يحمل أيضا مطلق كلام صاحب الشرع. ولكنا نقول: المشاركة في الخبر عند واو العطف لحاجة الجملة الناقصة إلى الخبر لا لعين الواو، وهذه الحاجة تنعدم في واو النظم، لان كل واحد من الكلامين تام بما ذكر له من الخبر فكان هذا الواو ساكتا عما يوجب المشاركة فإثبات المشاركة به يكون استدلالا بالمسكوت، يوضحه أنه لو كانت المشاركة تثبت باعتبار هذا الواو لثبتت في خبر كل جملة إذ ليس خبر إحدى الجملتين بذلك بأولى من الآخر، وهذا خلاف ما عليه إجماع أهل اللسان، فأما إذا قال امرأته طالق وعبده حر إن دخل الدار فكل واحد منهما تام في نفسه إيقاعا لا تعليقا بالشرط، والتعليق تصرف سوى الايقاع، ففيما يرجع إلى التعليق إحدى الجملتين ناقصة فأثبتنا المشاركة بينهما في حكم التعليق بواو العطف، حتى إذا لم يذكر الشرط وكان كلامه إيقاعا لم تثبت المشاركة بينهما في الخبر وجعل واو النظم