سماء البيت يمنع وصوله إلى موضع من الأرض لولا التعليق ولا يعدم أصله، وبهذا فارق الشرط العلة فإن الحكم يثبت ابتداء بوجود العلة فلا يكون انعدام الحكم قبل وجود العلة مضافا إلى العلة باعتبار أنها نفت الحكم قبل وجودها بل انعدم لانعدام سببه، فأما الشرط فمغير للحكم بعد وجود سببه فكان مانعا من ثبوت الحكم قبل وجوده كما كان مثبتا وجود الحكم عند وجوده، وعلى هذا الأصل لم يجوز تعليق الطلاق والعتاق بالملك، لان تأثير الشروط في منع حكم لولاه كان موجودا بسببه، ولولا التعليق هنا كان لغوا، وشرط قيام الملك في المحل عند التعليق لان السبب لا يتحقق بدون الملك، وتأثير الشرط في تأخير الحكم إلى وجوده بعد تقرر السبب بمنزلة الاجل، فيشترط قيام الملك في المحل عند التعليق ليتقرر السبب ثم يتأخر الحكم إلى وجود الشرط بالتعليق، ولهذا لم يجوز نكاح الأمة لمن قدر على نكاح الحرة، لان الحل معلق بشرط عدم طول الحرة بالنص وذلك يوجب نفي الحكم عند وجود طول الحرة كما يوجب إثباته عند عدم طول الحرة. هذا هو المفهوم من الكلام فإن من يقول لغيره إن دخل عبدي الدار فأعتقه يفهم منه ولا تعتقه إن لم يدخل الدار، والعمل بالنصوص واجب بمنظومها ومفهومها، ولهذا جوز تعجيل الكفارة بعد اليمين قبل الحنث، لان السبب هو اليمين ولهذا تضاف الكفارة إليها، والأصل أن الواجبات تضاف إلى أسبابها، فأما الحنث شرط يتعلق وجوب الأداء به، ويتضح هذا فيما إذا قال إن فعلت كذا فعلي كفارة يمين، والتعليق بالشرط بمنزلة التأجيل عنده فلا يمنع جواز التعجيل قبله بمنزلة الدين المؤجل إلا أن هذا في المالي دون البدني، لان تأثير التعليق بالشرط في تأخير وجوب الأداء في الحقوق المالية الوجوب ينفصل عن الأداء من حيث إن الواجب قبل الأداء مال معلوم كما في حقوق العباد، فأما في البدني الواجب فعل يتأدى به فلا يتحقق انفصاله عن الأداء، وبالتعليق بالشرط يتأخر وجوب الأداء فيتأخر تقرر السبب أيضا ضرورة، لان أحدهما لا ينفصل عن الآخر. ونظيره من حقوق العباد الشراء مع الاستئجار، فإن بشراء العين يثبت الملك ويتم السبب قبل فعل التسليم، وبالاستئجار لا يثبت الملك في المنفعة قبل الاستيفاء لأنها لا تبقى وقتين، ولا يتصور تسليمها بعد وجودها بل يقترن التسليم بالوجود، فإنما تصير معقودا عليها مملوكا بالعقد عند الاستيفاء
(٢٦١)