فصل: في بيان موجب الامر في حكم الوقت الامر نوعان: مطلق عن الوقت، ومقيد به، فنبدأ ببيان المطلق:
قال رضي الله عنه: والذي يصح عندي فيه من مذهب علمائنا رحمهم الله أنه على التراخي فلا يثبت حكم وجوب الأداء على الفور بمطلق الامر، نص عليه في الجامع فقال فيمن نذر أن يعتكف شهرا: يعتكف أي شهر شاء، وكذلك لو نذر أن يصوم شهرا.
والوفاء بالنذر واجب بمطلق الامر. وفي كتاب الصوم أشار في قضاء رمضان إلى أنه يقضي متى شاء، وفي الزكاة وصدقة الفطر والعشر المذهب معلوم في أنه لا يصير مفرطا بتأخير الأداء وأن له أن يبعث بها إلى فقراء قرابته في بلدة أخرى. وكان أبو الحسن الكرخي رحمه الله يقول مطلق الامر يوجب الأداء على الفور، وهو الظاهر من مذهب الشافعي رحمه الله فقد ذكر في كتابه: إنا استدللنا بتأخير رسول الله (ص) الحج مع الامكان على أن وقته موسع، وهذا منه إشارة إلى أن موجب مطلق الامر على الفور حتى يقوم الدليل. وبعض أصحاب الشافعي يقول هو موقوف على البيان لأنه ليس في الصيغة ما ينبئ عن الوقت فيكون مجملا في حقه، وهذا فاسد جدا فإنهم يوافقونا على ثبوت أصل الواجب بمطلق الامر، وذلك يوجب الأداء عند الامكان ولا إمكان إلا بوقت فثبت بدليل الإشارة إلى الوقت بهذا الطريق. ثم بهذا الكلام يستدل الكرخي فيقول: وقت الأداء ثابت بمقتضى الحال ومقتضى الحال دون مقتضى اللفظ، ولا عموم لمقتضى اللفظ فكذلك لا عموم لما ثبت بمقتضى الحال، وأول أوقات إمكان الأداء مراد بالاتفاق حتى لو أدى فيه كان ممتثلا للامر فلا يثبت ما بعده مرادا إلا بدليل، يوضحه أن التخيير ينتفي بمطلق الامر بين الأداء والترك