الانفراد، ومنه يقال: اختص فلان بملك كذا: أي انفرد به ولا شركة للغير معه، وخصني فلان بكذا: أي أفرده لي، وفلان خاص فلان، ومنه سميت الخصاصة للانفراد عن المال وعن نيل أسباب المال مع الحاجة، ومعنى الخصوص في الحاصل الانفراد وقطع الاشتراك، فإذا أريد به خصوص الجنس قيل إنسان، وإذا أريد به خصوص النوع قيل رجل، وإذا أريد به خصوص العين قيل زيد.
وأما العام كل لفظ ينتظم جمعا من الأسماء لفظا أو معنى، ونعني بالأسماء هنا المسميات، وقولنا لفظا أو معنى تفسير للانتظام: أي ينتظم جمعا من الأسماء لفظا مرة كقولنا زيدون، ومعنى تارة كقولنا من وما وما أشبههما. ومعنى العموم لغة:
الشمول، تقول العرب: عمهم الصلاح والعدل: أي شملهم، وعم الخصب: أي شمل البلدان أو الأعيان، ومنه سميت النخلة الطويلة عميمة، والقرابة إذا اتسعت انتهت إلى العمومة، فكل لفظ ينتظم جمعا من الأسماء سمي عاما لمعنى الشمول، وذلك نحو اسم الشئ فإنه يعم الموجودات كلها عندنا.
وذكر أبو بكر الجصاص رحمه الله أن العام ما ينتظم جمعا من الأسامي أو المعاني، وهذا غلط منه، فإن تعدد المعاني لا يكون إلا بعد التغاير والاختلاف، وعند ذلك اللفظ الواحد لا ينتظمهما وإنما يحتمل أن يكون كل واحد منهما مرادا باللفظ وهذا يكون مشتركا لا عاما ولا عموم للمشترك عندنا، وقد نص الجصاص في كتابه على أن المذهب في المشترك أنه لا عموم له، فعرفنا أن هذا سهو منه في العبارة أو هو مؤول، ومراده أن المعنى الواحد باعتبار أنه يعم المحال يسمى معاني مجازا، فإنه يقال:
مطر عام لأنه عم الأمكنة وهو في الحقيقة معنى واحد ولكن لتعدد المحال الذي تناوله سماه معاني، ولكن هذا إنما يستقيم إذا قال: ما ينتظم جمعا من الأسامي والمعاني.
قال رضي الله عنه: وهكذا رأيته في بعض النسخ من كتابه، فأما قوله أو المعاني فهو سهو منه، وذكر أن إطلاق لفظ العموم حقيقة في المعاني والاحكام كما هو في الأسماء والألفاظ. ويقال عمهم الخوف وعمهم الخصب باعتبار المعنى من غير أن يكون هناك لفظ، وهذا غلط أيضا فإن المذهب أنه لا عموم للمعاني حقيقة وإن كان