وسبب وجوب الحج البيت ولهذا يضاف إليه شرعا، قال الله تعالى: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * ولهذا لا يتكرر بتكرر وقت الأداء، لان ما هو السبب غير متجدد، فأما الوقت فهو شرط جواز الأداء وليس بسبب للوجوب ولا يقال بدخول شوال يدخل الوقت ويتأخر الأداء إلى يوم عرفة، فعرفنا أن الوقت سبب للوجوب إذ لو لم يكن سببا له لم يكن إضافة الوقت إليه مفيدا ويقال أشهر الحج كما يقال وقت الصلاة، فعرفنا أنه سبب فيه، وهذا لان عندنا يجوز الأداء كما دخل شوال، ولكن هذه عبادة تشتمل على أركان بعضها مختص بوقت ومكان وبعضها لا يختص، فما كان مختصا بوقت أو مكان لا يجوز في غير ذلك الوقت كما لا يجوز في غير ذلك المكان وما لم يكن مختصا بوقت فهو جائز في جميع وقت الحج، حتى إن من أحرم في رمضان وطاف وسعى لم يكن سعيه معتدا به من سعى الحج حتى إذا طاف للزيارة يوم النحر تلزمه إعادة السعي، ولو كان طاف وسعى في شوال كان سعيه معتدا به حتى لا يلزمه إعادته يوم النحر، لان السعي غير مؤقت فجاز أداؤه في أشهر الحج، وأما الوقوف موقت فلم يجز أداؤه قبل وقته كما لا يجوز أداء طواف الزيارة يوم عرفة لأنه موقت بيوم النحر، وكما لا يجوز رمي اليوم الثاني في اليوم الأول، وهو نظير أركان الصلاة فإن السجود ترتب على الركوع فلا يعتد به قبل الركوع، ولا يدل ذلك على أن الوقت ليس بوقت الأداء، وبهذا تبين أن الوقت ليس بسبب للوجوب ولكنه شرط جواز الأداء ووجوب الأداء فيه، وكذلك الاستطاعة بالمال ليس بسبب للوجوب فإن هذه عبادة بدنية وإنما كان البيت سببا لوجوبها لأنها عبادة هجرة وزيارة تعظيما لتلك البقعة فلا يصلح المال سببا لوجوبها ولا هو شرط لجواز الأداء أيضا، فالأداء من الفقير صحيح وإن كان لا يملك شيئا وإنما المال شرط وجوب الأداء فإن السفر الذي يوصله إلى الأداء لا يتهيأ له بدون الزاد والراحلة إلا بحرج عظيم والحرج مدفوع، فعرفنا أن المال شرط وجوب الأداء وهو نظير عدة من أيام أخر في باب الصوم (في حق المسافر) فإنه شرط
(١٠٥)