الذي يحدث في الثوب بعمله وذلك لا يتوقف على عزم يكون منه، وبخلاف الزكاة فالمستحق صرف جزء من المال إلى المحتاج ليكون كفاية له من الله تعالى وقد تحقق ذلك، فالهبة صارت عبارة عن الصدقة في حقه مجازا، لان المبتغى بها وجه الله تعالى دون العوض من المصروف إليه.
وقال الشافعي: لا يتحقق صرف ماله إلى ما هو مشروع في الوقت مستحقا ما لم يعينه في عزيمته، لان معنى القربة معتبر في الصفة كما هو معتبر في الأصل، فكما تشترط عزيمته في أداء أصل الصوم ليتحقق معنى العبادة يشترط ذلك في وصفه ليكون له اختيار في الصفة كما في الأصل، ومن قال بنية النفل يصير مصيبا للمشروع فقد أبعد، لأنه لو اعتقد هذه الصفة في المشروع في هذا الوقت كفر بربه فكيف يصير بهذه العزيمة مصيبا للمشروع؟
ولكنا نقول: لما كان المشروع في هذا الوقت من الصوم الذي يتصور أداؤه منه واحدا عينا كان هو بالقصد إلى الصوم مصيبا له، فالواحد المعين في زمان أو مكان يصاب باسم جنسه كما يصاب باسم نوعه، وكان هذا في الحقيقة منا قولا بموجب العلة أن تعيين المستحق في العزيمة لا بد منه، ولكن هذا التعيين يحصل بنية الصوم، لا أن نقول التعيين غير معتبر ولكن لا يشترط عزيمته في الوصف مقصودا، لان بعد وجود أصل الصوم منه في هذا الزمان لا اختيار له في صفته، ولهذا لا يتصور أداؤه بصفة أخرى شرعا، فأما إذا نوى النفل فهذا الوصف من نيته لغو، لان النفل غير مشروع فيه كما تلغو نية أداء الصوم في الليل لأنه غير مشروع فيه، وكما تلغو نية الفرض خارج رمضان ممن لا فرض عليه، وإنما يعتبر من نيته عزيمة أصل الصوم وهو مأمور بأن يعتقد في صوم المشروع أنه صوم، فبه يكون مصيبا للمشروع، وعلى هذا نقول فيمن نذر الصوم في وقت بعينه خارج رمضان إنه يتأدى منه بمطلق النية ونية النفل، لان المشروع في الوقت قبل نذره عين وهو النفل وقد جعل له الشرع ولاية جعل المشروع واجبا بنذره، فبمطلق النية يكون مصيبا للمشروع وهو المنذور بعينه، ونية النفل منه بعد النذر لغو،