بنص لا يبقى ذلك الحكم بعينه مطلقا. فأما في صدقة الفطر النصان في بيان السبب دون الحكم وأحد السببين لا ينفي السبب الآخر، فيجوز أن يكون ملك العبد المطلق سببا لوجوب صدقة الفطر بأحد النصين، وملك العبد المسلم سببا بالنص الآخر. وعلى هذا قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله يجوز التيمم بكل ما هو من جنس الأرض باعتبار النص المطلق وهو قوله عليه السلام: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وبالتراب باعتبار النص المقيد وهو قوله عليه السلام: التراب طهور المسلم لان المحل مختلف وإن كان الحكم واحدا فيستقيم إثبات المحلية باعتبار كل نص في شئ آخر، فأما التيمم إلى المرافق فلم نشترطه بحمل المطلق على المقيد، إذ لو جاز ذلك لكان الأولى إثبات التيمم في الرأس والرجل اعتبارا بالوضوء، وإنما عرفنا ذلك بنص فيه وهو حديث الأسلع أن النبي (ص) علمه التيمم ضربتين ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين وهو مشهور يثبت بمثله التقييد، فإذا صار مقيدا لا يبقى ذلك الحكم بعينه مطلقا. فأما صفة السائمة في الزكاة فهو ثابت بالنص المقيد وإنما لا نوجب الزكاة في غير السائمة لنص موجب للنفي وهو قوله عليه السلام لا زكاة في العوامل لا باعتبار حمل المطلق على المقيد. واشتراط العدالة في الشهادات باعتبار وجوب التوقف (وهو قوله تعالى: * (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) * أي توقفوا) في خبر الفاسق بالنص، وباعتبار قوله تعالى: * (ممن ترضون من الشهداء) * والفاسق لا يكون مرضيا، لا بحمل المطلق على المقيد. واشتراط التبليغ في الهدايا باعتبار النص الوارد فيه وهو أن الله تعالى بعد ذكر الهدايا قال: * (ثم محلها إلى البيت العتيق) * أو بمقتضى اسم الهدي فإنه اسم لما يهدي إلى موضع. وبمجرد اسم الكفارة لا تثبت المماثلة بين واجبات متفاوتة في أنفسها ليتعرف حكم بعضها من بعض، كما لا تثبت المماثلة بين الصلوات في مقدار الركعات والشرائط نحو الخطبة والجماعة في صلاة الجمعة حتى يعتبر بعضها ببعض وإن جمعها اسم الصلاة. وصار حاصل الكلام أن النفي ضد الاثبات، فالنص الموجب لاثبات حكم لا يوجب ضد ذلك الحكم بعبارته
(٢٧٠)