للعلم قطعا أو كانت موجبة للعمل دون العلم قطعا، لان الرجوع إليها بالعمل بها واجب شرعا في الوجهين على ما نبينه في باب خبر الواحد والقياس إن شاء الله تعالى.
والبينة كالحجة فإنها مشتقة من البيان وهو أن يظهر للقلب وجه الالزام بها سواء كان ظهورا موجبا للعلم أو دون ذلك لان العمل يجب في الوجهين، ومنه قوله تعالى:
* (فيه آيات بينات) *: أي علامات ظاهرات. والبرهان كذلك فإنه مستعمل استعمال الحجة في لسان الفقهاء. وأما الآية فمعناها لغة: العلامة، قال الله تعالى:
* (فيه آيات بينات) * وقال القائل:
وغير آيها العصر ومطلقها في الشريعة ينصرف إلى ما يوجب العلم قطعا، ولهذا سميت معجزات الرسل آيات، قال الله تعالى: * (ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات) * وقال تعالى:
* (فاذهبا بآياتنا) *.
فإن قيل: من الناس من جحد رسالة الرسل بعد رؤية المعجزات والوقوف عليها ولو كانت موجبة للعلم قطعا لما أنكرها أحد بعد المعاينة؟ قلنا: هذه الآيات لا توجب العلم خبرا فإنها لو أوجبت ذلك انعدم الثواب والعقاب بها أصلا وإنما توجب العلم باعتبار التأمل فيها عن إنصاف لا عن تعنت، ومع هذا التأمل يثبت العلم بها قطعا وإنما جحدها من جحدها للاعراض عن هذا التأمل كما ذكر الله تعالى في قوله:
* (وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه) * وفي قوله: * (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) * وقد كان فيهم من جحد تعنتا بعدما علم يقينا كما قال تعالى: * (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا) * وأما الدليل فهو فعيل من فاعل الدلالة، بمنزلة عليم من عالم، ومنه قولهم: يا دليل المتحيرين، أي هاديهم إلى ما يزيل الحيرة عنهم، ومنه سمي دليل القافلة، أي هاديهم إلى الطريق فسمي باسم فعله، وفي الشريعة هو اسم لحجة منطق يظهر به ما كان خفيا فإن ما قدمناه يكون موجبا تارة ومظهرا تارة، والدليل خاص لما هو مظهر.
فإن قيل: أليس أن الدخان دليل على النار والبناء دليل على الباني ولا نطق