عدم المجن فكذلك التعليق بالشرط في الحكميات. وبهذا تبين أنه وهم حيث جعل التعليق كالتأجيل فإن التأجيل لا يمنع وصول السبب بالمحل لان سبب وجوب التسليم في الدين والعين جميعا العقد، ومحل الدين الذمة، والتأجيل لا يمنع ثبوت الدين في الذمة ولا ثبوت الملك في المبيع وإنما يؤخر المطالبة وهو محتمل السقوط فيسقط الاجل بالتعجيل ويتحقق أداء الواجب، وهنا التعليق يمنع الوصول إلى المحل وقبل الوصول (إلى المحل) لا يتم السبب ولا يتصور أداء الواجب قبل تمام السبب، ولهذا لم نجوز التكفير قبل الحنث لان أدنى درجات السبب أن يكون طريقا إلى الحكم واليمين مانع من الحنث الذي تعلق به وجوب الكفارة على ما قرره، فإنها موجبة للبر والبر يفوت بالحنث وفي الحنث نقض اليمين، كما قال تعالى: * (ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها) * ويستحيل أن يقال في شئ إنه سبب لحكم لا يثبت ذلك الحكم إلا بعد انتقاضه، فعرفنا أنه بعرض أن يصير سببا عند وجود الشرط، فلهذا كان مضافا إليه وقبل أن يصير سببا لا يتحقق الأداء، وفرقه بين المالي والبدني باطل، فإن بعد تمام السبب الأداء جائز في البدني والمالي جميعا وإن تأخر وجوب الأداء كالمسافر إذا صام في شهر رمضان، وهذا لان الواجب لله على العبد فعل هو عبادة، فأما المال ومنافع البدن فإنه يتأدى الواجب بهما فكما أن في البدن مع تملق وجوب الأداء بالشرط لا يكون السبب تاما فكذلك في المالي، بخلاف حقوق العباد فإن الواجب للعباد مال لا فعل لان المقصود ما ينتفع منه العبد أو يندفع عنه الخسران به وذلك بالمال دون الفعل، ولهذا إذا ظفر بجنس حقه فاستوفى تم الاستيفاء وإن لم يوجد فعل هو أداء ممن عليه. فأما حقوق الله تعالى واجبة بطريق العبادة ونفس المال ليس بعبادة إنما العبادة اسم لعمل يباشره العبد بخلاف هوى النفس لابتغاء مرضاة الله تعالى وفي هذا المالي والبدني سواء، وهذا التعليق لا يشبه بتعليق القنديل بالحبل لان القنديل كان موجودا بذاته قبل التعليق، فعرفنا أن عمل التعليق في تفريغ المكان الذي كان مشغولا به من الأرض قبل التعليق، وهنا قبل التعليق ما كان الحكم موجودا فكان تأثير التعليق في تأخير السببية للحكم إلى وجود
(٢٦٣)