فصل: الحكم ذكر هشام عن محمد رحمهما الله: الفقه أربعة، ما في القرآن وما أشبهه، وما جاءت به السنة وما أشبهها، وما جاء عن الصحابة وما أشبهه، وما رآه المسلمون حسنا وما أشبهه. ففي هذا بيان أن ما أجمع عليه الصحابة فهو بمنزلة الثابت بالكتاب والسنة، في كونه مقطوعا به حتى يكفر جاحده. وهذا أقوى ما يكون من الاجماع، ففي الصحابة أهل المدينة وعترة رسول الله (ص)، ولا خلاف بين من يعتد بقولهم إن هذا الاجماع حجة موجبة للعلم قطعا فيكفر جاحده كما يكفر جاحد ما ثبت بالكتاب أو بخبر متواتر.
فإن قيل: كيف يستقيم هذا وتوهم الخطأ لم ينعدم بإجماعهم أصلا، فإن رأيهم لا يكون فوق رأي رسول الله (ص)، وقد قال تعالى: * (عفا الله عنك لم أذنت لهم) * وقال تعالى: * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) * الآية، ففي هذا إشارة إلى أنه قد كان وقع لرسول الله (ص) الخطأ في بعض ما فعل به برأيه، فعرفنا أنه لا يؤمن الخطأ في رأي دون رأيه أصلا؟ قلنا: رسول الله (ص) كان معصوما عن التقرير على الخطأ خصوصا في إظهار أحكام الدين، ولهذا كان قوله موجبا علم اليقين، واتباعه فرض على الأمة، قال تعالى: * (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * وسنقرر هذا الكلام في موضعه (إن شاء الله تعالى) فإذا ثبت هذا فيما ثبت بتنصيص رسول الله (ص) فكذلك فيما يثبت بإجماع الصحابة، فإنه لا يبقى فيه توهم الخطأ بعد إجماعهم حتى يكفر جاحده. وقوله وما أشبهه المراد منه أن الصحابة إذا اختلفوا في حادثة على أقاويل فإن ذلك اتفاق