لا يتحقق إلا بالاتمام فيما لا يحتمل الوصف بالتجزي عبادة فيجب الاتمام لهذا وإن كان في نفسه نفلا، ويجب القضاء إذا أفسده لوجود التعدي فيما هو حق الغير بمنزلة المنذور، فالمنذور في الأصل مشروع نفلا ولهذا يكون مستداما كالنوافل إلا أن لمراعاة التسمية بالنذر يلزمه أداء المشروع نفلا، فإذا وجب الابتداء لمراعاة التسمية فلان يجب الاتمام لمراعاة ما وجد منه الابتداء ابتداء كان أولى، وهو نظير الحج فإن المشروع منه نفلا يصير واجب الأداء لمراعاة التسمية حقا للشرع، فكذلك الاتمام بعد الشروع في الأداء يجب حقا للشرع، وهذا هو الطريق في بيان الأنواع الأربعة. ومما هو ثابت بخبر الواحد أيضا تأخير المغرب للحاج إلى أن يجمع بينه وبين العشاء في وقت العشاء بالمزدلفة، فإنه ثابت بقوله عليه السلام لأسامة بن زيد رضي الله عنهما الصلاة أمامك ولهذا قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: لو صلى المغرب في الطريق في وقت المغرب يلزمه الإعادة بالمزدلفة ما لم يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر يسقط عنه الإعادة، لان الوجوب بدليل موجب للعمل وذلك الدليل يوجب الجمع بينهما في وقت العشاء وقد تحقق فوات هذا العمل بطلوع الفجر، فلو ألزمناه القضاء مطلقا كنا قد أفسدنا ما أداه أصلا وذلك حكم ترك الفريضة، فكذلك الترتيب بين الفوائت، وفرض الوقت ثابت بخبر الواحد فيكون موجبا للعمل ما لم يتضيق الوقت، لان عند التضيق تتحقق المعارضة بتعين هذا الوقت لأداء فرض الوقت، وكذلك عند كثرة الفوائت لان الثابت بخبر الواحد الترتيب عملا وبعد التكرار في الفوائت يتحقق فوات ذلك، وعلى هذا قال أبو حنيفة رحمه الله: إذا ترك صلاة ثم صلى شهرا وهو ذاكر لها فليس عليه إلا قضاء الفائتة، لان فساد الخمس بعدها لم يكن بدليل مقطوع به ليجب قضاؤها مطلقا وإنما كان لوجوب الترتيب بخبر الواحد وقد سقط وجوب الترتيب عملا عند كثرة الصلوات فلا يلزمه إلا قضاء المتروكة، والله أعلم.
(١١٦)