الكتابة بقلم الوحي دليلا على أنها منزلة للفصل، والكتابة بخط على حدة دليلا على أنها ليست من أول السورة، وظاهر ما ذكر في الكتاب علماؤنا يشهد به فإنهم قالوا ثم يفتتح القراءة ويخفي بسم الله الرحمن الرحيم فقد قطعوا التسمية عن التعوذ وأدخلوها في القراءة، ولكن قالوا لا يجهر بها لأنه ليس من ضرورة كونها آية من القرآن الجهر بها بمنزلة الفاتحة في الأخريين، وإنما قالوا يخفي بها ليعلم أنها ليست بآية من أول الفاتحة فإن المتعين في حق الامام الجهر بالفاتحة والسورة في الأوليين، وعلى هذا نقول يكره للجنب والحائض قراءة التسمية على قصد قراءة القرآن، لان من ضرورة كونها آية من القرآن حرمة القراءة على الجنب والحائض، ولكن لا يتأدى بها فرض القراءة في الركعة عند أبي حنيفة رحمه الله لاشتباه الآثار واختلاف العلماء وأدنى درجات الاختلاف المعتبر إيراث الشبهة به، وما كان فرضا مقطوعا به لا يتأدى بما فيه شبهة، ولسنا نعني الشبهة في كونها من القرآن بل في كونها آية تامة فإنه لا خلاف في أنها من القرآن في قوله تعالى: * (وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) *.
فإن قيل: فقد أثبتم بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: فصيام ثلاثة أيام متتابعات، كونه قرآنا في حق العمل به ولم يوجد فيه النقل المتواتر ولم تثبتوا في التسمية مع النقل المتواتر كونها آية من القرآن في حكم العمل وهو وجوب الجهر بها في الصلاة وتأدى القراءة بها. قلنا: نحن ما أثبتنا بقراءة ابن مسعود كون تلك الزيادة قرآنا وإنما جعلنا ذلك بمنزلة خبر رواه عن رسول الله (ص) لعلمنا أنه ما قرأ بها إلا سماعا من رسول الله (ص) وخبره مقبول في وجوب العمل به، وبمثل هذا الطريق لا يمكن إثبات هذا الحكم في التسمية، لان برواية الخبر وإن علم صحته لا يثبت حكم جواز الصلاة، ولأنه ليس من ضرورة كونها آية من القرآن وجوب الجهر بها على ما بينا أن الفاتحة لا يجهر بها في الأخريين، وما كان ثبوته بطريق الاقتضاء يتقدر الحكم فيه بقدر الضرورة لأنه لا عموم للمقتضى.
ثم قال كثير من مشايخنا إن إعجاز القرآن في النظم وفي المعنى جميعا خصوصا على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله حيث قالا: بالقراءة بالفارسية في الصلاة لا يتأدى فرض القراءة وإن كان مقطوعا به أنه هو المراد، لان الفرض قراءة المعجز وذلك في النظم والمعنى جميعا. قال رضي الله عنه: والذي يتضح لي أنه ليس مرادهم من هذا أن