الشافعي: مطلق السنة يتناول سنة رسول الله (ص) فقط، وهذا لأنه لا يرى تقليد الصحابي ويقول: القياس مقدم على قول الصحابي فإنما يتبع حجته لا فعله، وقوله بمنزلة من بعد الصحابة فإنه يتبع حجتهم لا مجرد فعلهم وقولهم إذا لم يبلغوا حد الاجماع، ولهذا قال في قول سعيد بن المسيب رضي الله عنه: إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية: السنة تنصرف إلى سنة رسول الله (ص)، وكذلك قوله في استحقاق الفرقة بسبب العجز عن النفقة: السنة أنها تنصرف إلى طريقة رسول الله (ص) (وكذلك قوله في أن الحر لا يقتل بالعبد: السنة تنصرف إلى سنة رسول الله عليه السلام) فأما عندنا إطلاق هذا اللفظ لا يوجب الاختصاص بسنة رسول الله (ص)، فقال عليه السلام: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة والسلف كانوا يطلقون اسم السنة على طريقة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وكانوا يأخذون البيعة على سنة العمرين، وقال عليه السلام: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ إذا ثبت هذا فنقول: حكم السنة هو الاتباع، فقد ثبت بالدليل أن رسول الله (ص) متبع فيما سلك من طريق الدين قولا وفعلا، وكذلك الصحابة بعده، وهذا الاتباع الثابت بمطلق السنة خال عن صفة الفرضية والوجوب إلا أن يكون من أعلام الدين، فإن ذلك بمنزلة الواجب في حكم العمل على ما قال مكحول رحمه الله: السنة سنتان: سنة أخذها هدى وتركها ضلالة، وسنة أخذها حسن وتركها لا بأس به، فالأول نحو صلاة العيد والاذان والإقامة والصلاة بالجماعة، ولهذا لو تركها قوم استوجبوا اللوم والعتاب، ولو تركها أهل بلدة وأصروا على ذلك قوتلوا عليها ليأتوا بها، والثاني نحو ما نقل من طريقة رسول الله (ص) في قيامه وقعوده ولباسه وركوبه، وسننه في العبادات متبوعة أيضا، فمنها ما يكره تركها، ومنها ما يكون التارك مسيئا، ومنها ما يكون
(١١٤)