فأعتقه فإن ذلك لا يوجب نفي الحكم قبله حتى إنه لو كان قال أولا أعتق عبدي ثم قال أعتقه إن دخل الدار جاز له أن يعتقه قبل الدخول بالامر الأول ولا يجعل هذا الثاني نهيا عن الأول.
(فإن قيل: لا خلاف أن الحكم المتعلق بالشرط يثبت عند وجود الشرط، وإذا كان الحكم ثابتا هنا قبل وجود الشرط فكيف يتصور ثبوته عند وجود الشرط إذ لا يجوز أن يكون الحكم الواحد ثابتا في الحال ومتعلقا بشرط منتظر؟
قلنا: حل الوطئ ليس بثابت قبل النكاح ولكنه متعلق بشرط النكاح في الآيات التي ليس فيها هذا الشرط الزائد ومتعلق بها وبهذا الشرط في هذه الآية، وإنما يتحقق ما ادعى من التضاد فيما هو موجود فأما فيما هو متعلق فلا، لأنه يجوز أن يكون الحكم متعلقا بشرط وذلك الحكم بعينه متعلقا بشرط آخر قبله أو بعده، ألا ترى أن من قال لعبده إذا جاء يوم الخميس فأنت حر ثم قال إذا جاء يوم الجمعة فأنت حر كان الثاني صحيحا وإن كان مجئ يوم الجمعة لا يكون إلا بعد مجئ يوم الخميس حتى لو أخرجه من ملكه فجاء يوم الخميس ثم أعاده إلى ملكه فجاء يوم الجمعة يعتق باعتبار التعليق الثاني).
فإن قيل: مع هذا لا يجوز أن يكون الشئ الواحد كمال الشرط لاثبات حكم وهو بعض الشرط لاثبات ذلك الحكم أيضا، وما قلتم يؤدي إلى هذا فإن عقد النكاح كمال الشرط في سائر الآيات سوى قوله تعالى: * (ومن لم يستطع منكم طولا) * وهو بعض الشرط في هذه الآية إذا قلتم بأن الحكم يثبت ابتداء عند وجود هذا الشرط.
قلنا: إنما لا يجوز هذا بنص واحد فأما بنصين فهو جائز، ألا ترى أنه لو قال لعبده أنت حر إن أكلت ثم قال أنت حر إن أكلت وشربت صح كل واحد منهما ويكون الاكل كمال الشرط بالتعليق الأول وبعض الشرط في التعليق الثاني حتى لو باعه فأكل في غير ملكه ثم اشتراه فشرب فإنه يعتق لتمام الشرط في التعليق الثاني وهو في ملكه.
وعلى هذا الأصل قال زفر رحمه الله: إن التعليق لا يبطل بفوات المحل، حتى لو قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا ثم طلقها ثلاثا لم يبطل التعليق،