واحتمال الوجه الأول يلزمه التصدق بالقيمة، لان ذلك قربة مشروعة له في غير أيام النحر والمعنى فيه معقول والاخذ بالاحتياط في باب العبادات أصل، فلاعتبار هذا الاحتمال ألزمناه التصدق بالقيمة لا ليقوم ذلك مقام إراقة الدم، وعلى هذا الأصل قال أبو يوسف رحمه الله: من أدرك الامام في الركوع في صلاة العيد لا يأتي بالتكبيرات في الركوع لان محلها القيام وقد فات، ومثل الفائت غير مشروع له في حالة الركوع ليقيمه مقام ما عليه بطريق القضاء فيتحقق الفوات فيه. وقال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: حال الركوع مشبه بحالة القيام لاستواء النصف الأسفل في الركوع، وبه يفارق القائم القاعد، فباعتبار هذا الشبه لا يتحقق الفوات، وتكبير الركوع محسوب من تكبيرات العيد وهو مؤدي في حالة الانتقال، فإذا كانت هذه الحالة محلا لبعض تكبيرات العيد نجعلها عند الحاجة محلا لجميع التكبيرات احتياطا، وعلى هذا لو ترك قراءة الفاتحة والسورة في الأوليين قضاها في الأخريين وجهر، لان محل أداء ركن القراءة القيام الذي هو ركن الصلاة، إلا أنه تعين القيام في الأوليين لذلك بدليل موجب للعمل وهو خبر الواحد، والقيام في الأخريين مثل القيام في الأوليين في كونه ركن الصلاة، ولهذه المشابهة لا يتحقق الفوات ويقضي القراءة في الأخريين. ولو قرأ الفاتحة في الأوليين ولم يقرأ السورة قضى السورة في الأخريين لاعتبار هذا الشبه أيضا، والقيام في الأخريين غير محل لقراءة السورة أداء وهو محل لقراءة السورة قضاء بالمعنى الذي بينا. ولو قرأ السورة في الأوليين ولم يقرأ الفاتحة لم يقض الفاتحة في الأخريين لان القيام في الأخريين محل للفاتحة أداء، فلو قرأها على وجه القضاء كان مغيرا به ما هو مشروع في صلاته مع وجود حقيقة الأداء، وذلك ليس في ولاية العبد، فيتحقق فوات قراءة الفاتحة بتركها في الأوليين لا إلى خلف، فلا بد من القول بسقوطها عنه، إذ لا مثل لها صورة أو معنى ليقام مقامها.
وهذه الأقسام كلها تتحقق في حقوق العباد أيضا. أما بيان الأداء المحض فهو في تسليم عين المغصوب إلى المغصوب منه على الوجه الذي غصبه، وتسليم عين المبيع إلى المشتري على الوجه الذي اقتضاه العقد، ويتفرع عليه ما لو باع الغاصب المغصوب